العمق التوجيهي-عبدالجبار قاسم - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021

العمق التوجيهي-عبدالجبار قاسم

 




العمق التوجيهي -عبدالجبار قاسم

تعزيز البقاء والاستمراء والتقدم بخطوات متلاحقة نحو تحقيق الطموحات والغايات والقدرة على مواجهة الأخطار المحتملة والتصدي للمؤامرات والمخططات القذرة وصروف الدهر المهلكة من قبل المندسين  والإتيان بصورة جميلة للمستقبل لابد من بناء جملة من المعلومات والمعطيات والركائز والسلوكيات والإستشارات  والإحتكاك مع المحيط إ والسير الذاتية والمنجزات والشواهد والأدلة التي تبين وتؤكد على مدى إخلاص المسؤولين الأوائل الذين سبقونا في خدمة شعوبهم في كافة مجالات الحياة وإتخاذ بعض سلوكياتهم لإنارة الدرب وتسهيل العمليات وتوفير الوقت والجهد المضني وإزالة ما أمكن من العراقيل لشق الطريق لبناء الطموحات إذ لابد من الإستشارة بالذين سبقونا في رسم ميادين الحياة وتحديد مرتكزاتها .فالإنسان بوعيه وبمدى استفادته من تجارب الحياة يجب أن يحرر عملية التجديد للأفضل في المجتمع والطبيعة وينقل الأسباب الدافعة لعملية التجديد والإبتكار والإبداع إلى أهداف تشغل فكر الحاضر لتخطط للحياة بأفكار مستقبلية ونقل الأسباب الدافعة من التلقائية واللاإرادية إلى العوامل المحددة والهادفة والواعية ونقل المسار من الماضي فالحاضر لتجعل منه البؤرة الفعلية لعملية متابعة التجديد والتغيير وإعطائها أبعادا زمنية جديدة متعددة المسارات بشكل مترابط لا إنفصال فيها ، فمن الحاضر بإتجاه الماضي وومن الماضي بإتجاه الحاضر ومن الحاضر نحو المستقبل لأن وعي الإنسان ومدى إدراكه يترك تأثيرات على مسارات الزمن المختلفة ، إذ ليس كل قديم يرفضه الحاضر  وليس كل سائد في حاضرنا سيقبله الغد القادم ، فالمستقبلية ترفض وهم الحدودية ووالنهائية في عملية الإسمرار والإكتفاء بالمنجزات  ومجابهة الصعاب وإختيار الأفضل في الصيغ والوسائل والإنجازات ، إيمانا منا بحقيقة استمرارية الحركة والحراك كي ينظر إلى كل جديد بحالة مشروعة ومطلوبة علما كل الأجيال القادمة ستولد إطرا جديدة ومعطيات أكثر حضارية تختلف عن الواقع الذي سبقهم ، فكل جيل سيطور نظريات الجيل الذي سبقه دون رفضه البتة  ، إن ما قدمه الإنسان جيلا بعد جيل من إنجازات فكرية وعلمية وتقنية ومعرفية خلال مسيرته من الماضي فالحاضر ولد عنده قناعة بتجاوز ، وهم النهاية ، أو الإكتفاء بمنجز ما ، وفتح أمامه مسارا زمنيا مطلقا  مفتوحا يمتد بسهمه نحو المستقبل ، وإذا كان حاضرنا لم يعد قد راج من كل الأفكار أو كان في وعينا بعض القصور ، فإن الواجب الملقى على عاتق المرحلة لا بد أن يبرز في الحفاظ على الإستفادة من الماضي ومن التجارب التي قد مضت كحاجة إنسانية مستقبلية وتعديلها وتطويرها إن لزم الأمر ،  ، وسيبقى فكر الإنسان ووعيه وإيمانه بالمستقبلية ثورة في فهم ضرورة التغييرات ورسم مساراتها والتحكم في الإنجازات ، وسيبق هذا الفكر قادرا على تحقيق الطموحات وتحقيق الترابط والتفاعل والتطور والتطوير بين الواقع بمسيرته والأفكار المستقبلية بمفهومه وأسسه وأدواته المنهجية والمعرفية ، وستبقى المستقبلية  حاجة إنسانية بقدر ما هو حاجة اجتماعية وحضارية ودليلا على التطور والتقدم وضرورة للإمساك بهما واللحاق بمسيرة الحضارة الإنسانية وتحقيق الدور الفاعل على مر العصور القادمة .  

لا شك أن التغيير هو أهم عامل للتشاط الإجتماعي بغية التطور والتقدم وركب الحضارة وأهم وسيلة للبقاء والإستمرار وظاهرة تفرزها طموح الإنسان وتطلعاته بوعيه وإرادته في كل مكان وفي كل الأزمنة وهذه الفعالية الإنسانية الهادفة والمقصودة هي ذات مظاهر متعددة ، سياسية - اقتصادية - اجتماعية- وفكرية وعلمية وتقنية ، تتجسد من خلال التفكير والتصورات والطموحات والخطط الموضوعية والرغبات والقرارات والتنبؤ بالإحتمالات المحددة على المدى الزمني المفتوح أمام طموحات الإنسان كمجال مستمر وممتد من أجل الإنجاز والتحقيق والأداء وبالإستخدام الأمثل للقدرات الواعية والإمكانات المتوفرة ومن خلال الإبداع والإبتكار والتجدد والتجديد والتكيف مع الحدث وكل جديد آت في قادم الأيام بما يتلاءم مع حاجات الإنسان وتطلعات مجتمعه ، فالتغيير الهادف والإرادي هو حركة واعية للمجتمعات البشرية مهما كان درجة وعيها وثقافتها فهو حركة تتصف بالإستمرارية عبر المدى الزمني وبالشمولية فيما يتعلق بالقرات والإمكانات المتوفرة في المكان ، تحدث نتيجة الوصول إلى سويات أعلى في أنماط الوعي والمعرفة والسلوك والتصرف وطرق التفكير وأساليب العمل التي تعتبر أكثر عقلانية وأكثر تطورا وأكثر إنتاجا وفائدة ، وتمتد فاعلية التغيير إلى اللانهاية، لا الإنكفاء والوقوف وتمجيد الإنجازات ، فالتغيير الهادف والواعي والمقصود هو مجمل العمليات الفكرية والإنجازات العملية  وسبل ووسائل مختارة ومفضلة والتي تصيب بنية الظاهرة ووظائفها وسلوكها وهذه الفاعلية هي كعمل إبداعي جديد ومستمر يحدث نتيجة تعدد الأدوار الوظيفية للمجتمع ، وتضم كثيرا من الأحكام القيمية وتعكس التطلعات الإنسانية بشكل مستمر إلى الأمام عبر الزمن ،وبما أن عملية التغيير الإجتماعي وبكافة جوانب المجتمع هي سببا في البقاء والإستمرار والمواكبة فستصبح أكثر خضوعا لضبط الإنسان وقدرته على توجيهها نحو المستقبل مما يستدعي وضع المجتمع في حالة من الحركة المستمرة وتحريكه وتوجيهه بإستخدام وسائل فنية متطورة لتحقيق الأهداف المرسومة ، وهذا بدوره يتطلب الكفاءة والمقدرة العلمية والفنية والتخطيط المسبق ، والوعي والوعي بالحاجات والمتطلبات الحالية والمستقبلية ، وهي مسألة أساسية حتى لا يكون التغيير قدرة في المجهول ، ولنجاح عنلية التغيير لابد لها من إجراء مسح شامل لإمكانات المجتمع ووعيه وكيفية تفكيره وظروفه المختلفة وكيفية ارتباط شرائحه ببعضها ومدى إحساسهم بالأخطار وشعورهم بالواجبات كي تلبي حاجات المجتمع المعني بالتغيير ومتطلباته الواقعية بحسب أولوياتها ، وعنلية التغيير هذه تستلزم تحقيق المواءمة والتكيف بين القديم والجديد بعد التأكد من إيجابية هذه الفاعلية التغييرية ومدى نجاح نتائجها مما يتطلب معرفة مسبقة من القائمين عليها بالأفكار والمعتقدات والسلوك السائد وعلاقتها بالوعي العام بالناس وتعرفهم على مطالبهم وحاجاتهم المختلفة ،وكلنا يرى ما فرضته هذه الفاعلية نفسها بقوة تنموية في العالم ، طبعا بالإعتماد على الإنجازات العلمية والتقنية المتطورة إذ أن قضية الإنسان هي الهدف والغاية وستظل المحور الأساسي لكل جهد مبذل لحعل الحياة أكثر رخاء واستقرارا وأعمق وأشمل سيطرة على الحياة البائسة ، وللعلوم الإجتماعية أهمية ودور خاص بسبب قدرتها التفسيرية والتحليلية وقدرتها على التوجيه الملائم للقضايا السياسية ، وإلى جانب قدرتها التنبؤية بالإستعانة بمعطيات العلم والتقنية الحديثة ،وفي إختيار الفرضيات  الجديدة المتعلقة بهذه الظاهرة وتحديد الاهداف الجديدة مما يعطي في النهاية أهمية واضحة للتخطيط الملائم وتوجيه التغيير باتجاه الإستمرارية فالمستقبل ،ولعل التغيير المعلب والقادم عبر الحدود لا يؤدي إلى إستمرارية التواصل مع الحدث وركب الحضارة فقد يكون معوقا للرؤى السائدة لمجتمع ما ، ولقد أدرك بعض الفلاسفة هذه الحقيقة فيقول " هيغل " في هذا الشأن ، " إن الذي يتحقق في التاريخ لا يشترض أن يكون مرغوبا لدى الناس فحسب إنما الذي يتحقق  هو ما تجسده أفعالهم ومساعيهم .وفي كتابه ، فلسفة التاريخ ، يصور هيغل تاريخ العالم بجلاء ووضوح بوصفه صورة من التغييرات والأفعال والأفكار المتنوعة والمتعددة والتي تمتد إلى اللانهاية وهذه الأعمال والرؤى هي مقدمة لعصر جديد في تاريخ العالم .وفي الختام فالتغيير ليست عملية معلبة قادمة عبر الحدود المترامية وليس عملية تضاعف تلقائي بل هو عملية مستهدفة ومستثارة بل مدفوعة دفعا بسياسات مصاغة بوعي وبقصد ، تتطلب كفاءات وأجيال واعية من الشباب ، لا التوريث من قبل أعجاز النخيل المنقعر ، الذين وقفوا حجر عثرة وحواجز كونكريتية أمام الكفاءات الخيرة والنيرة ، فالتغيير الهادف يهدف إلى إنشاء مؤسسات جديدة في كل ميادين الحياة وقوى شبابية واعية جديدة وقوى اجتماعية وإدخالها في مجال القوى الإجتماعية كعملية إعادة وترتيب وتوجيه القوى الموجودة ودفعها إلى طريق جديد أكثر ملاءمة بالواقع وإبداع وسائل جديدة منطلقة من الواقع .



العمق التوجيهي-عبدالجبار قاسم Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on سبتمبر 21, 2021 Rating: 5   العمق التوجيهي -عبدالجبار قاسم تعزيز البقاء والاستمراء والتقدم بخطوات متلاحقة نحو تحقيق الطموحات والغايات والقدرة على مواجهة الأخطار الم...

ليست هناك تعليقات: