الموت خلف جدار الصمت . بقلم :روان بدرخان . قصة قصيرة مترجم من الكوردية - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
الخميس، 28 أكتوبر 2021

الموت خلف جدار الصمت . بقلم :روان بدرخان . قصة قصيرة مترجم من الكوردية

الموت خلف جدار الصمت -  بقلم :روان بدرخان - قصة قصيرة مترجم من الكوردية .

بيمان و سامان وجوان ....عرفتهم المهجر ببعضهم البعض ,نعم كان كل منهم من سكان مدينة مختلفة في الوطن , لكن ما جعلهم يتالفون هي لغتهم .

عندما حلقت طائرتهم في الجو من مطار هانوفر تنهدت بيمان تنهيدة عميقة وتفتحت أساريرها كوردة جورية تفتحت مع اشراقة شمس بعد ليلة حالكة الظلام حيث ارسلت بخيوطها ليعم النور على البسيطة .

لان كل خطوة تخطوها سوف تقربها اكثر من مقابلتها مع امها وابيها .

وتذهب بخيالها لتحوم في سماء كوباني وتلة مشتنور ومنزل عائلتها وتحوم في سماء ذلك المكان الذي ولدت وترعرعت فيه وهي تتخيلها امام عينيها كيف 

ستلقي بنفسها في احضان ابيها وامها كما كانت تفعلها في طفولتها المبكرة .

اما (جوان) فقد ريح جلسته في مقعده .

وغاب في احلامه حيث تخيل بانه يحوم في سماء مدينته القامشلي 

حالما بلقاء حبيبته في مدينة المحبة .

يمني النفس ويحاول تصور كيف سيقابل حبيبته ( جيان) كي يسلمها هديتها .

فجأة تذكر شيئا وقال في نفسه :

نعم ....نعم لقد تذكرت .

سأذهب الى مكان عملها ...

وأحكي لها كل همومي وعذابات الغربة والفراق ...

دون أن يرانا أو يسمعنا أحدا .

أما( سامان ) فكان يستمع لبرامج الطائرة .

وهو يتذكر برنامجه حين وصوله الى (قزلتبه)

سينزل ضيفا على عمه (سلو) وينتظر زوجته (رنده)التي ستأتي 

هي وولدها (ازاد)الذي يبلغ السادسة من عمره

 بعد عبورهم الحدود 

من (الجنوب الغربي )الى (الشمال).

هبطت طائرتهم في مطار (استنبول).....

وبعد الانتهاء من اجراءات المطار الروتينية واستلام حقائبهم 

توجه الثلاثة الى بوابة الخروج 

وهناك أمام البوابات الخارجية 

سألتهم( بيمان ):

ماهي وجهتكم الى أية مدينة ؟

وباية وسيلة ستسافرون ؟ لماذا لا تأتون معي الى (كوباني) لننزل ضيوفا على أبي وأمي ؟ 

  فرد (سامان ) لا ...لا سنذهب معا الى (قزلتبة )وننزل ضيوفا على بيت عمي (سلو )ومن هناك سنفترق ويذهب كل منا في طريقه....

أما (جوان ) فانه لم يكترث لحديثهما بل حمل حقيبته وأوقف سيارة أجرة وأستودعهم ومضى الى مركز السفريات حيث استقل الباص المتجه الى مدينة (قزلتبه ).

(سامان) و(بيمان) تباحثا كثيرا في الموضوع لكنهما لم يتوصلا الى اية نتيجة وعليه فحملا حقائبهما واستقلا سيارة أوصلتهما الى مركز السفريات .

اتصلت (بيمان ) مع عمها عبدو الكائن في (سروج).

وسألته عن أحوال أبيها وأمها وأخيها (محمود) .

أجابها عمها (عبدو)بأن أبوها وأمها في بيتهم ومعهم أخوك محمود .

تعالي الى مدينة (سروج )وأنا سأوصلك الى البيت .

استقلت (بيمان) الباص المتجه الى سروج لكنها كانت قلقة وراودتها الشكوك في ما قالها عمها عن أبويها وأخيها وحاولت أن تطرد تلك الوساوس من رأسها لكنها لم تفلح في ذلك ولم تهتدي الى بصيص من الامل في اقناع ذاتها .

في الثانية عشرة ظهرا من اليوم التالي وصلت( بيمان )  الى سروج 

فوجدت عمها عبدو وزوجته (خجي )في استقبالها 

وبعد تبادل التحيات 

والقبلات  

ركبوا السيارة وفي الطريق الى بيت العم (عبدو) 

سألت بيمان زوجة عمها خجي قائلة :

لماذا لم تأتوا معكم بأبي وأمي الى (سروج ) ؟  فردت عليها (خجي) قائلة :

يا بنتي ...أمك وأبوك لم يرغبا في ترك أخوك محمود هناك 

والمجيئ معنا ومحمود انخرط في المقاومة والدفاع عن أهل كوباني 

مثله مثل جميع أقرانه .

في تلك الليلة لم يغمض لبيمان جفن 

وبقيت مع تخيلاتها داخل فراشها والاسئلة تحوم في مخيلتها دون جواب 

هكذا امضت بيمان ليلتها ...

وفي الصباح اتصل معها ( جوان ) 

واعلمها بانه قد وصل الى مدينة (الدرباسية )

قائلا لها : ألم تصلي الى البيت ؟ فأجابت بيمان : لا....سأظل في بيت عمي حتى يؤمن لي 

العبور ....آه يا جوان ....كم اشتقت لأمي ؟ 

يا جوان حين التقائك ب (جيان ) أرجوك اتصل معي لأطمئن عليها ...  طيب ..طيب...مع السلامة .

التمت عائلة العم عبدو على سفرة الغداء ...فقال لها عمها انظري يا بنتي بيمان لسفرة الطعام ....لتعرفي مدى محبة زوجة عمك لك يا بنتي ؟ 

هيا الى الطعام يا بنتي ...ثم خرج قاصدا السوق  .

(بيروز) ابنة عبدو شغلت التلفزيون ...فقالت لها بيمان ضعيه على قناة (روداو ) يا اختي لنرى الاخبار ؟ (روداو ) :مشاهدينا الكرام ....الى هذه الدقيقة لم يعلم احد سبب هذا الحريق ...؟ هذا الحريق الذي اودى بحياة العشرات وعشرات الجرحى ..بالقرب من مستوصف ( جرنكي ) قامشلو ...روداو.

بهذا الخبر توقف الدم في عروق بيمان 


وساد صمت غريب على الجميع من هول الحدث المروع وكانهم في حلم حين ربتت خجي على كتف بيمان قائلة : خذي كو ب الشاي يا بنتي ....

انتفضت بيمان ومدت يدها الى جهازها الخليوي ...

واخرجت رقم جوان للاتصال به 

لانها تعلم بان جيان تعمل في ذلك المستوصف ....

ألو...ألو.....لكن مع الأسف الشديد دون نتيجة .

فاخرجت اللابتوب ودخلت الفيسبوك وهي تقلب الصفحات لمحت صورة 

وشكت بانها تعرف واحدا من هؤلاء الاطفال ....

ولكن كيف ؟ وأين ؟

قرأت الكتابة اسفل الصورة ...حينها وقع عليها الخبر كالصاعقة لانها تذكرت صورة ازاد ابن الستة اعوام التي كانت في جهاز سامان ....

يا الهي (جينا ليه وشفنا ايه )

جيان تلك الزهرة الندية ....في آتون هذا الجحيم !

لكني لا اعلم الى اين سترحل احلام جوان ؟

وسامان وزوجته لم يعيشا تلك اللحظات السعيدة ...كما كانا يحلمان ..

وازاد ذلك الطفل البريئ لم يسعفه الحظ بالعيش سعيدا في كنف والديه لماذا ؟

سألتها خجي : خير يا بنتي ....؟ ماذا دهاك ؟ تكلمين نفسك ؟

وانت تذرفين الدموع .....هيا قولي ....ماذا حدث ؟

عندما عاد عمها الى البيت سالته قائلة :

الم تجد يا عمي شخصا يقوم بتأمين عبوري ؟

فرد عليها بلى يا بنتي ....غدا صباحا مع آذان الفجر سيأتي أحدهم ليعبربنا الحدود .

في تلك الليلة فرشت خجي لنفسها بجانب فراش بيمان وحاولت اقناعها بان تبقى 

في ضيافتهم لحين ايجاد فرصة مناسبة لاستقدام ابويها ..حيث الان وضع الحدود غير امن من حيث الاشتباكات على طول الحدود وسقوط قتلى وجرحى .

لكن بيمان رفضت الموضوع قائلة : لا يا زوجة عمي انا لم يعد لي صبر ..فلقد اشتقت كثيرا الى امي وابي واخي محمود .

وانني جئت خصيصا لاخذهم معي الى المانيا الى مدينة هانوفر لانني امتلك فيها منزلا يتسع لنا جميعا .

قبل اذان الفجر قامت خجي بايقاظهم وقدمت لهم الشاي حينها سمع صوت طرقات الباب ...وصوت ينادي قائلا : عم عبدو ...عم عبدو هيا تعالوا لنعبر الحدود فهو آمن الآن ....استودعت بيمان زوجة عمها وابنته بيروز وذهبت مع عمها والرجل الذي سيعبر بهم الحدود وقلبها يخفق فرحا للقاء ابويها .

عادت بيمان الى المنزل بعد ساعتين من خروجهم من المنزل وعندما دخلوا المنزل سألتهم خجي قائلة : اللهم اجعله خيرا فلقد عدتم ؟

لم تتمالك بيمان نفسها فلقد اجهشت بالبكاء ولم تستطع الرد على خجي ...

في حين اجابها عبدو قائلا : دورية العسكر الذين كنا متواعدين معهم لم يأتوا الى الموعد ولكنهم اتصلوا معنا ووعدونا غدا مع اشراقة الشمس سيكونون في مكان العبور .

جلست بيمان في الصالون مهمومة وجلست خجي بجانبها وحاولت التخفيف مما ألم بها من الهموم فهدأت بعد أخذ ورد .

قبل مغيب الشمس اتصلت بيمان بسامان  ألو ...ألو سامان ...هيا تكلم ...احكي لي ماذا حدث ؟ ...سامان ...ماذا ؟ ..قلت ....رندا ماذا ؟ يا مصيبتي ....يا ويلي  قتلوها ؟ على الحدود ...؟ اي وآزاد ؟ ...العسكر الترك ؟ ...يا ويلي ....يا مصيبة المصائب ...ونزلت دموع بيمان على خدودها أسفا على مقتل رندا وابنها آزاد وقبل قطع الاتصال مع سامان قالت له : سامان انتبه لنفسك ....البقية بحياتك ليلهمك الله الصبر والسلوان .

مع شروق شمس اليوم التالي عبروا الحدود واتجهوا نحو مدينة كوباني وعند وصولهم الى مدخل المدينة وجدوا حاجزا للقوات الكردية مؤلف من عناصر ال ي ب ك والبيشمركة فحيوهم تحية الصباح وسألوهم : من أين أنتم قادمون وما هي وجهتكم ؟.فأجابهم عبدو قائلا : منزلنا في مشتنور وسنذهب الى البيت...فقالوا له ألا ترون الاشتباك بيننا وبين الظلاميين ...ألا تسمعون أصوات المدافع والرشاشات ؟ وخاصة على تلة مشتنور فهناك اشتباكات شديدة بين قواتنا وارهابيي داعش الذين لم يدعوا مكانا هادئا ....فترجاهم عبدو قائلا : هذه ابنة أخي (عيسو) وهي قادمة من ألمانيا لزيارة أبويها .

وكان من بين العناصر من يعرف عيسو عن طريق صداقته مع ابنه محمود فسأل بيمان قائلا : هل أنت شقيقة محمود ؟ ...محمود زميلي في حمل السلاح ...حماكم الله من كيد الارهابيين يا أختاه .ثم اقترب من العم عبدو وهمس في اذنه فتغيرت ملامح وجهه ....فقال العم عبدو مخاطبا بيمان : يا بنتي ان الاشتباكات على أشده في محيط منزلكم ...ماهو رأيك في أن نذهب الى الحي الشمالي حتى تهدأ المعركة ؟ ..أجابت بيمان لا بأس يا عمي فلنذهب . فذهبا الى بيت العمة(سينم)  في نفس الوقت كانت طائرات التحالف تقصف قواعد داعش بالقرب من مشتنور . في منزل العمة سينم حاولت بيمان الاتصال باخيها محمود ولكن دون نتيجة .ل 

اتصل معها جوان : ألو ...بيمان ...هل تسمعين صوتي ؟ .

نعم ...نعم جوان أسمعك هيا قل لي ماذا حصل ل جيان ؟

جوان : لا تسألي عما حصل لنا يا أختي العزيزة ...انا الآن في مدينة (دهوك)

وقد انتسبت الى قوات البيشمركة ....

وعندي مقولة سأقولها لك فضعيها كالحلق في أذنيك ....

( مادام الوطن محتلا ستذهب أحلامنا أدراج الرياح ) ...هل سمعت ؟ 

انتبهي لنفسك يا أختاه .....مع السلامة .

خاطب عبدو العمة سينم قائلا :

أنا ذاهب الان لقضاء بعض الحاجات وساعود بعد قليل ....

اهتمي ب بيمان حتى اعود .

سينم : حسنا يا أخي لا تقلق .


وبعد خروج عبدو بحوالي ساعة تسللت بيمان الى خارج البيت دون ان تشعر بها العمة ....ومن شارع الى شارع وأخيراً توجهت الى تلة مشتنور حيث منزل العائلة .

حينما اقتربت من المنزل التقت بمجموعة من مقاتلي ال ي ب ك فسألوها :

الى أين أنت ذاهبة .؟ فقالت انا ذاهبة الى بيتي .

سألوها : بنت من أنت ؟ فقالت أنا بنت عيسو . 

سألوها : عبدو هو عمك ....؟ أأنت أخت محمود ....؟

قالت نعم . فقالوا تعالي اجلسي هنا وسيأتي عمك بعد قليل .

ومرة أخرى جالت في رأسها الظنون ....

استسلمت لأحلام اليقظة وحاصرتها أشباح مرعبة عبرت الى كيانها .

وعشرات الأسئلة فرضن انفسهن أمام ناظريها ....

لماذا لم يصطحبني عمي الى هذا المكان ؟ .لماذا غاب أبي وأمي عن المشهد ؟

لماذا أخي محمود لم يتصل معي ؟ لماذا ولماذ ولماذا ....

وفي تلك اللحظة اتصل معها سامان ليعلمها بأنه أصبح في دمشق متطوعا في لجان الدفاع عن ارض الوطن ضد الطامعين والظلاميين ...أنهت المكالمة وعادت الى أسئلتها فوجدت الاجوبة على كل أسئلتها عندما مسكها عمها من يدهاوذهب بها الى أطلال منزل العائلة لتشاهد عن كثب شواهد قبري أبويها داخل البيت ولتستلم سلاح أخيها الشهيد محمود عيسو كوباني من أحد رفاقه .

بقلم : روان بدرخان . 6- 6 – 2015م



الموت خلف جدار الصمت . بقلم :روان بدرخان . قصة قصيرة مترجم من الكوردية Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on أكتوبر 28, 2021 Rating: 5 الموت خلف جدار الصمت -  بقلم :روان بدرخان - قصة قصيرة مترجم من الكوردية . بيمان و سامان وجوان ....عرفتهم المهجر ببعضهم البعض ,نعم كان كل منه...

ليست هناك تعليقات: