الدورة التكوينية في قراءة الميثولوجيا و الديانة الزرادشتية - تورجين رشواني-العدد العاشر لمجلة Pênûsa Azad - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
الأحد، 27 مارس 2022

الدورة التكوينية في قراءة الميثولوجيا و الديانة الزرادشتية - تورجين رشواني-العدد العاشر لمجلة Pênûsa Azad

 

 الدورة التكوينية في قراءة الميثولوجيا و الديانة الزرادشتية - تورجين رشواني-العدد العاشر لمجلة Pênûsa Azad

معنى التكوين:  يعني الكينونية  والخلق لكل شيْء من أرض وسماء وبشر وحيوانات وحجر و بقية العناصر اللازمة لهذه الحياة وهي أيضا تعني الصيرورة  ونحن نعلم أن في كلّ الديانات سواء التوحيدية منها أم  الديانات الأخرى لها أسفار تكوينية وإذا ما أجرينا مقارنة فيما بينها نجدها  جميعاً تقترب إلى بعضها البعض, لكن لا بدّ من وجود بعض الاختلافات الفكرية لصيرورة وكينونة الحياة  عندما نشاهد  سفر التكوين في التورات وأيضا الإنجيل والقرآن أيضا هناك السفر التكويني أمّا الأصح والأدق ففي التوراة هي على مراحل متصلة وفي الإنجيل هي متقاربة لها, أمّا في القران فهي تتلخص بكلمة واحدة وهي (كن فيكون).

أما الدورة التكوينية في الديانة الزرادشتية  فهي تتألف من اثني عشر ألف سنة  وتنقسم إلى أربع مراحل وكل مرحلة  تتألف من ثلاثة آلاف سنة .اي٣*٤= ١٢ الف سنة.

نشوء الكون:

تتشابه قصة نشوء الكون  وخلق العالم في الزرادشتية في بعض مظاهرها مع ما كان سائداً لدى بعض شعوب العالم القديم,

ولاسيّما في بلاد ما بين الرافدين من خلق الكون أولاً ثمّ خلق الناس من أبوين وإنشاء الجنة لهم على الأرض وثم ابتعد الناس عن عبادة الخالق و اقترابهم إلى عبادة الآلهة لذا يغضب الخالق  ويسلط عليهم جام غضبه ليهلكهم جميعاً إلا طائفة واحدة .

لكن ما يميز فكرة الخلق والتكوين عند الزرادشتيين هو إلغاء فكرة التجديد السنوي للكون الذي كان سائداً بشكل خاص في بلاد الرافدين  وإرجاء  ذلك إلى نهاية فترة الصراع بين قوى الخير والشر والصراع الثنائي بين هاتين القوتين الخير والمتمثلة ب (آهورمزدا) وأتباعه من الملائكة والأرواح الخيرة والإنسان الصالح الذي يقوم بواجبه الطبيعي في الوقوف إلى جانب قوى الخير .وبين قوى الشر وأتباعه من الشياطين  الجن الأشرار و السحرة والأشرار التي يقودها (أهريمان)

ومع هذا الصراع  يبدو وكأنه بين قوتين متماثلتين في الظاهر  إلا أنها ليست  كذلك  ففي الواقع (آهورمزدا) خالق النور  فهو أزلي لا يحده زمان ولا مكان  وهو خالق الخير والشر  نفسه وخالق( أهريمان) أيضا وهو الذي لا يضاهيه في القوة والقدرة على الخلق  و معرفة الغيب بينما (آهورمزدا) الذي يتوجب على كل الناس التوجه إليه وعبادته هو وحده يعرف الغيب كما يعرف مصير جميع الكائنات بما فيهم (أهريمان)

والدورة الكونية في الزرادشتية  تتألف من اثني عشر ألف سنة بعدد الأفلاك السماوية الاثني عشر وبعدد الأشهر الزرادشتية,  وكل دورة مدتها ثلاثة آلاف سنة كما قلنا آنفا  وهي أربع دورات.

أولاً الدورة الأولى

في هذه الدورة يخلق  آهورمزدا الذي يعني الإله  أو الرب الحكيم والكبير  والموجود منذ الأزل فهو عمل  النور والظلام معاً, ويخلق في عالم النور كائنات روحية أي ملائكة والتي تسمّى (فرشت أو فرافاشي) وهذه الأرواح نقية  مُجرَّدة تسبح بحمده وتعبده وأيضا يخلق أهريمان رمز الشر في عالم الظلام, فعالم النور رمز للخير وعالم الظلام رمز للشر, والعالمان متجاوران ولكل منهما جوانب ثلاثة ولكل جانب يحد الجانب الرابع وهو عالم النور والخير.

لكن عالم النور والخير في الأعلى والشر في الأسفل, ويكون بينهما فراغ مملوء  بالهواء لكن آهورمزدا غير محدد بالزمان والمكان إذ لا تاريخ لوجوده ولا نهاية لبقائه, لكنه محدد باهتمام الشرير في المكان لفترة محدودة كان قرارا منه حتى ينتصر عليه عندها  يصبح لا نهائيا في الزمان والمكان أما الزمان فهو محدود في الزمان والمكان  ومشتملات هذا الدور يتخلص  حالة روحية تسمى في الزرادشتية  (مينوك)يستمر هذا الدور لمدة ثلاثة آلاف سنة بهدوء دون صراع بين قوى الخير والشر  حيث كل يعيش في عالمه الخاص.

الدورة الثانية من الديانة الزرادشتية

في بداية الألف الرابع من خلق العالم الروحي يرى أهريمان عالم النور ويضمن في نفسه إرادته والقضاء عليه من أجل السيادة على العالم, يبادر أهورمزدا الذي يعرف ما يفكر فيه أهريمان  والذي تبصر المعركة مسبقا لأنه يعرف الماضي والحاضر والمستقبل يبادر بأن يعرض على أهريمان حقبة من الحرب طولها تسعة آلاف سنة,  فقبل أهريمان الذي لا يعرف غير الماضي  ذلك وعندما انتبه أهورمزدا بأن المعركة سوف تنتهي بهزيمة عالم الظلام  وسيعود النور أي الخير إلى الأبد يفزع أهريمان من ذلك ويسقط في عالم الظلمات ويبقى فيها مشلولاً لمدة ثلاثة آلاف سنة .

في البدء أهورمزدا يخلق العالم المادي (جيتك)بهدوء يخلق أولاً السموات ثم الماء ثم الأرض ثم الثور الأول وهو الثور المقدّس ثم خلق النبات والحيوانات الخيرة  وفي المحلة السادسة والأخيرة خلق الإنسان جيومرد (كيمرد) أما في الفيستا (كيا قرتن)أي الحياة الفانية و هو ابن أهورمزدا  والسفندار  (الملك الموكل على الأرض ويمثل روح الخير والطاعة والورع والمحبة) حيث كان جيومرد  نقياً طيباً, روحاً وجسداً وقد لقنه  أهورمزدا مبادئ دينه (الدين الجيد ) الذي يجب عليه  وعلى أولاده من بعده أن يعتنقوه و يسيروا على هديه  وبعد أن أنهى اهورمزدا  خلق العالم  (جيتك) الذي كان مشابهاً للعالم الروحي (مينوك) من حيث النقاء والطهارة إذ خُلقت من نفس المادة (الذرات) التي خُلقت منها الكائنات الروحية  خرج أهريمان  من مكمنه  وسعى للقضاء على خلق أهورمزدا,  وبما أنه كان يملك القدرة على خلق العناصر الشريرة والسيئة  فقام  بخلق كل ما هو شر  في هذا العالم ولم يخلق غير الشر,  فخلق الشياطين  وكل الزواحف والحشرات الضارة  مثل العقارب والأفاعي  والوحوش المؤذية وذات الطباع الشريرة للاستعانة بها في صراعه ضد إله الخير التي خلقها أهورمزدا  وألقى بكل قوته  ضد هذا الخلق فنجس العناصر المُقدّسة (النار والهواء والنبات)

إذ لوّث النار الطاهرة (رمز أهورمزدا) بأن ألقى عليها فأدى إلى امتزاج بعض عناصر خلقه مع النار إلى إثارة الدخان منها وهذا  الدخان  يمثل الظلام في عالم النور كما لوّث النار و سمم النباتات والأعشاب وأقام أهورمزدا خندقاً أمام السماء لمنعه من الوصول إلى مبتغاه لكن أهريمان وعناصره الشريرة تمكنت من تمزيق محيط السماء ونجح في قتل الثور الأول وثمّ هجم على جيومرد حتى تمكن من قتله وكان أهريمان بقتل جيومرد لم  يقضِ على الجنس البشري إذ كانت بذوره (منية) المطهرة بنور الشمس مخطئة في الأرض وتنتج بعد انقضاء أربعين سنة  شجرة أو عشبته  الراوند وخرج منها أول زوجين من البشر ذكر وأنثى يدعى -هنا (ميشك)mêşik وهو آدم وميشانكي mêşankê (هي حواء

وقد أمر أهورمزدا بفعل الخير والإيمان به خالقاً للكون وعدم الخروج عن طاعته وعدم عبادة الشياطين والإيمان بها والامتناع عن تناول الطعام ألا أنهما خضعا لإغواء أهريمان  وخالفا أوامر أهورمزدا وصرحا بأن آخرين هم من خلقوا الأرض والسماء والنبات وبعد أن امتنعا عن تناول الطعام لمدة شهر .وقع  أهريمان مرة أخرى في معصية أهورمزدا استوفاها من لبن العنزة ثم تظاهرا بعدم قيامهما  بأي شيْء وقد أدت غلتطهما  هذه وتصريحاتهما بخلق أهريمان  للأرض والسماء والنبات وكذلك بعدم استطاعة لبن العنزة إلى تقوية أهريمان  وقال:ستبقى روحيهما في الجحيم حتى البعث وخلال خمسين سنة لم يكن ل (مشيك وميشانك) أي رغبة جنسية ولكنهما  ما إن تزوجا خلق  توءمان لدرجة أن الأم اشترت واحداً والأب اشترى الآخر عندها حرم أهو مزاد أمهما أكل لحوم الأولاد لكي يبقى آبائهم على حياتهم ويشملهم برعايته و بعد ذلك رزق ميشك وميشانك بأزواج من التوائم التي أصبحت أجداد لكل الأعراف والأجناس من البشرية .

الدورة الثالثة في ميثولوجية الديانة الزردشتية

وتسمّى هذه الدورة بفترة الاختلاط (komîzuşon) أي اختلاط الخير مع الشر فقد كان الإنسان الأول طيباً بذاته خُلق  طيباً موهوباً بروح وجيد خالد  للأبد وعندما دخل الموت إلى العالم المادي عن طريق أهريمان لم يستطع إلا قتل الجسد بينما تبقى الروحية وبما أن الروح لا تستطيع أن تعمل إلا من خلال الجسد الذي يسكنه, الجسد هو أداة أو لباس الروح وقد صنع الجسد من ذات مادة الروح وكان في الأصل وضاء ومعركة ولكن الشبق جعله نتناً وفي الحياة تلقائية ستجد الروح مبعوثاً  نقياً وموجوداً في جسد جيومرد فعندما هاجم أهريمان جيومرد مات  فأدخل الشر إليه امتزجت الطهارة والطيبة مع الشر والسوء وانتقل ذلك عبر  مشيك ومشيانك ثم إلى أولادهما من البشر وفي هذ الدور يلعب البشر دوراً في الحرب بين من كتب النور والكلمة وذلك بوقوفهم  إلى جانب قوى الخير أو انضمامهم إلى قوى الشر و مساعدتها على تنفيذ مهمتها في السيطرة على العالم فالإنسان مدعو في اختيار الطريق الذي يسلكه فكل فرد سر جامد حسب عمله الذي أنجزه على الأرض فالخيرون هم حلفاء الله وعليهم أداء الرسالة التي كلفوا بها وهي   محاربة الشر والمرء سينال جزاءه  في الآخرة بقدر جهاده لنصرة الخير على الشر والنور على الظلمة وقيم الدين التي أمر أهورمزدا بالعمل على نشرها فالذي يتدخل إلى جانب أهورمزدا وقوى الخير سيكون جزاؤه العافية والخلود في مساكن العليين أما المذنبون والأشرار مناصرو الظلم فإنهم سيبقون للأبد ضيوف منازل الشر - الجحيم - فمن ساند الخير وتبع طريق الصراط المستقيم في دنياه سيمر بسلام جسر صراط المستقيم (جينفات) ثم يدخل إلى الفردوس أما الأشرار فحينما يصلون إلى فوق الجسر  سيصبح أحدا كالسيف ورائعا كالشعر يفهمون إلى غياهب الجحيم  في هذا أصل أنّ المحترم بين قوى الشرالخير تساعد الملائكة, والأرواح الطيبة (أغاشي)الإنسان وتقف إلى جانبه من أجل قهر قوى الشر التي تبدو متفوقة في هذا الدور على قوى الخير ونتيجة انتشار الشر  ابتعاد الناس عن طريق أهورمزدا والأحجام عن طاعته وضعف مناصري الحق يرسل تهورمزدا في الألف الأخيرة من هذا الدور الألف التاسع  نبيه زرادشت  ليهدي قوى الخير وبظهور زرادشت يدبُّ الضعف والتخاذل في قوى أهريمان الذي يحاول جاهداً التخلص من زرادشت  أو حرفه عن مهمامه ولكنه يفشل في ذلك.

الدورة التكوينية الرابعة والأخيرة  في ميثولوجية  الديانة الزردشتية

في هذه الدورة تنتصر قوى الخير وتطهر الأرض من الشياطين وعناصر الشر فقد بشّر زرادشت بظهور ثلاثة أنبياء مخلصين من أبنائه في كل من السنوات المتبقية وهي ثلاثة آلاف سنة  وفي اللحظة التي يولد فيها المخلص الحقيقي ساووشيان آخر المنقذين الثلاثة تبدأ المرحلة الحاسمة بين قوى النور بزعامة ساووشيان ومؤازرة الأرواح الخيرة من المؤمنين الصالحين من جهة وقوى الشر التي تستنفذ قوتها  فتبعث التنانين وأبطال الشر وينتهي الصراع العنيف بهزيمة قوى الشر فيسقط أهريمان في الظلمات إلى الأبد وتتطهر الأرض من الأشرار نهائياً

وبعد أن تنتصر قوى الخير نهائياً يأمر آهورمزدا ببعث الموتى جميعاً  ويسقط نجم (جوت جهر) على الأرض فتنصهر  وتذوب جميع المعادن  وتنتشر مثل السيل على  الأرض  وعلى الناس جميعاً وعلى الأحياء الذين بعثوا عليهم أن يعبروا هذا السيل الذي يكون للأتقياء كاللبن الساخن فيطهرهم من ذنوبهم  ويجتازون جسر (جنيفات )بسلام ويمشون إلى الجنة أما الأشرار يحترقون في السيل ويتعذبون فيه وعندما يصلون إلى جسر (جنيفات )يصبح كالسيف فيهوون  في الجحيم حتى ينالوا عقابهم على ما فعلوه .

وبعد ذلك تتمدد الأرض وتنبسط  ويصبح الكون والعالم طاهراً مطهراً  إلى الأبد في سكون لا يعكر صفوه شيء ويطلق على هذه الحالة في الزرادشتية  (فرشوكرتي)أي التصفية والتجديد عند ذلك يصبح أهورمزدا أزليا لا نهائياً في الزمان  المكان  ويُعبد   وحده لا شريك له بالمطلق.

ملاحظة نستطيع أن نشبه جسر (جنيفات) في الزردشتية بالصراط المستقيم في الإسلام .

المصادر: kuddîrok gelên rojhilata navîn nivîskar Biradostê Mîtanî

الديانة الزرادشتية ملاحظات وآراء للكاتب عدنان يحيى. pdf

الديانة الإيرانية الغامضة. جاد محيدلي.

معجم الأديان. جون هنيليس ترجمة هاشم أحمد محمد.

الأديان المجوسية. أحمد الكيد. البحرين المطبعة الشرقية.

موسوعة الفلكلور والأساطير الغربية.

دليل القارئ إلى الأدب العالمي. هيرلاند ج - دبيرس. أ بروان.

الديانة الزرادشتية. موقع historî:

 جكرخوين.

وبعض المصادر الأخرى



 

 

 

 

الدورة التكوينية في قراءة الميثولوجيا و الديانة الزرادشتية - تورجين رشواني-العدد العاشر لمجلة Pênûsa Azad Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on مارس 27, 2022 Rating: 5     الدورة التكوينية في قراءة الميثولوجيا و الديانة الزرادشتية - تورجين رشواني-العدد العاشر لمجلة Pênûsa Azad معنى التكوين :   يعني الك...

ليست هناك تعليقات: