أغاني التراث في سوريا "الأغنية الكوردية نموذجاً" - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
الأربعاء، 2 نوفمبر 2022

أغاني التراث في سوريا "الأغنية الكوردية نموذجاً"

 

                 أغاني التراث في سوريا "الأغنية الكوردية نموذجاً"

            Pênûsa Azad -Hijmara 12`an

ماريا عباس

ثراء التراث الشفاهي الكوردي،و ما يتعرض له هذا التراث عموماً من التهميش والاندثار والتزوير في الكثير من معالمه وضياعه لأسباب كثيرة لعل أبرزها، هي ما تعرضت له من انقسامات جغرافية وسياسية في المنطقة التي يقطنها الكورد على مر التاريخ لعصور طويلة والسلطات التي حكمتها مستندة إلى موازيين القوة وليست الديمقراطية، من الفرس والترك والعرب وهم من الأقوام التي تعايش معها الشعب الكوردي على مدى التاريخ الطويل المشترك بينهم حتى بعد أن ساد الإسلام في هذه المنطقة. ومن المعروف بأن السلطات التي كانت تحكم كانت تحاول طمس أي معالم لحضارات الشعوب وخاصة الأقليات المستضعفة عبر لغتها  القومية ومنعها كلغة التعليم والكتابة،أو الغناء وممارسته كنشاط إبداعي.

وهذا ما جعل من التراث والفلكلور الكوردي أدباً وغناءً وفنوناً أخرى يتم تناقلها شفاهياً من جيل إلى جيل بواسطة اللغة الأم التي انحصرت بين جدران المنزل لفترات طويلة، وغالباً ما نُسب العلماء والأدباء الكورد للإسلام أو لجنسيات البلدان التي انتموا إليها.

وما ندرة الأبحاث والكتب في حفظ وتدوين التراث والفلكلور والأغاني الكوردية إلا نتيجة طبيعية لتلك السياسات القمعية في المنطقة العربية والإسلامية.

أما في سوريا المعاصرة، كانت سلطات الحكم القمعية لها الدور السلبي في الحفاظ على التنوع الموجود في التراث والفلكور الخاص بكل شعوب المنطقة التي تحولت لمجرد أقليات قابلة للاندثار بسبب الهجرات القسرية والنزاعات التي لا تنتهي، مثل الكورد والسريان والأرمن..إلخ الذي كانت الحضارة في هذه المنطقة الجغرافية نتاجاً حقيقياً بارزاً ومتميزاً للتفاعل الإنساني بين شعوب المنطقة.

وبالرغم من ذلك بقي ما بقي من التراث محافظاً على ما صمد منه ليُحظى بمعايشته وصولاً لعصر الاتصالات الحديثة والشبكة العنكبوتية التي أصبحت وسيلة مهمة في الحفاظ على التراث الحضاري الإنساني من الاندثار، وفتح أبواباً كثيرة كنوع من الإتصال الجماهيري وتناقل المعلومات والأخبار والأغاني والأدب بين القرية العالمية التي نعيش فيها الآن.

الأغنية الفلكلورية الكوردية"البوطانية"

يعُدُّ التراث الشعبي ومن ضمنها الغناء إلى جانب الموسيقى من أكثرالملامح التي تُظهر جلياً في الهوية الوطنية لشعب ما، وما الغناء وحب الموسيقا الذي يُعرف به الشعب الكوردي إلا خلاصة لحياتهم الجمعية المليئة بالخبرات والتجارب والمعارف الرئيسية التي رسمت هذه الملامح بشكل عفوي يعبر عن فلسفة وطريقة الحياة خلال عصور كان النقل الشفاهي هي الوسيلة الممكنة التي حافظو من خلالها على مخزونهم الثقافي الشعبي من الاندثار.

الفلكلور الكردي لمنطقة إمارة بوطان التاريخية والتي ساد فيها الإسلام منذ القرن الرابع عشر للميلاد*.تلك البقعة الجغرافية الممتدة من جبال سنجار جنوباً حتى أعالي جبال آرارات شمالاً، وحتى أطراف زاخو شرقاً إلى نصيبين غرباً، هي شكل من الأشكال الموجودة في الجزيرة السورية مابين نهري دجلة والفرات، حيث تشمل مناطق من الشمال الشرقي لسوريا، وأجزاء من العراق وتركيا.

ويعتبر هذا النوع من الغناء الفلكلوري نوعاً مهماً من التراث الشعبي للمنطقة ولوناً من الأدب الشفاهي الكوردي،ذات تأثيرات ودلالاتٍ بعينها، هي تعبيرعن العـواطف الإنسانية، هي قصة الحياة القومية التي عكست أساليب الحياة والعادات والثقافة للشعب الكوردي في المنطقة.

والغناء البوطاني عند الكورد يستند في أساسه بشكل عام على بعث وإحياء التقاليد العريقة التي ورثوها عـن آبائهم وأجدادهم، وهو غناء شفوي لا ينسب لأي فرد من أفراد المنطقة بل هو ملك للجميع، ولم يـدون سابقاً بسبب تـدني مستـوى التعلـيم من جهة وتهميش متعمد بسبب التبعية للسلطات التي حكمت المنطقة من غير الكورد والتي قُمعت لـذا أصبـح جزءاً أساسياً من الأدب الشفاهي للشعب الكردي، ونقل شفوياً من جيل إلى جيل وأسست لهـا قاعدة بين جميع طبقـات المجتمع وفي مخـتلف العصور وضربت جذورها في أوسع الأوساط الشعبية.

"حملت الأغـنية طابعاً خاصاً فجعلها تـتدفق بالحيوية والتجدد وتصوِّر العلاقات العاطفية والإجتماعية وجمال الطبيعة، والدخول إلى عـالـم الخيال، لتصور الأحداث تصويراً جمالياً وتؤكد على الحب والجمال. ألفاظها سهلة وشعبية ومليئة بالصور والتشبيهات وتلتزم بالقوافي وهي سهلة الحفظ وذات نغمات موزونة مؤثرة في سامعيها محققة أرقـى أنـواع الهارموني والتناسق الصوتي، وغالباً ما نجد الأطفال والـنـسـاء والـرجـال يرددون أغنية واحـدة وبأداء واحـد وذلك لسهـولة الألـفـاظ وعذوبة التصوير والقـافـيـة، وبـسبب خفة روح الأغنية وعذوبتها وعفويتها وبساطتها ووضـوحهـا وجمـال أدائـهـا نجحت في التأثير بالمشاعـر وإثـارة العـواطـف  وإحداث الانفعالات عند سامعيها"*

والأغنية باعتبارها نتاج تفاعلي وإنجاز فني لا يخلو من الروعة وبث اللذة في النفس فقد جسدت ملامح التفكر ونوع الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية في جميع العصور التي مرت بها.وكان لها أثراً بليغاً في نفوس الجماهير ولعلها نتاج يعبر عـن فكـر نشط وسعة الخيال، ويبدو ذلك واضحاً في المفردات والصـور ذات الدرجةالعالية من الإبداع.

هناك من غناها في العصر الحديث وفي سوريا تحديدا منطقة ديرك في شمال شرق سوريا(ملا خليل - عبدالعزيز سمي - محمد يغمور ابراهيم بهنان - ابراهيم بانه قصري – رشيدي علاني  ) وتنقسم الأغنية في منطقة بوطان إلى الأقسام التالية:

1-     أغاني خاصة بملاحم الحروب. 

2-     الأغنية العاطفية.

3-     أغاني تغنى على العريس والعروس.

4-     أغاني الحفلات والأعراس

5-     أغاني الحزن والمآتم. 

6-     الأغنية الساخرة.

7-     أغاني الحصاد.

8- أغاني الاطفال

أغـاني الحـروب

كانت الأغنية وسيلة مهمة عند الكورد لنقل ولسرد ملاحم الحروب بطريقةٍ غنائية تذكر فيها بطولات أولئك الذين شاركوا في تلك الملاحممن الفرسان والقادة  والغاية من هذه الأغاني:

1-   فع الروح المعنوية لدى المقاتلين.

2-   الميثولوجيا الكوردية في الأغنية كانت وسيلة إعلامية لنقل الأحداث والملاحم من جيلٍ إلى جيل.

  3- ترديدها هي وسيلة للمحافظة عليها من النسيان.  

وأهم تلك الملاحم: ملحمة بستا به لكا - ملحمة شكر آغا - ملحمة ملكو تياري - .ملحمة حمي حاجو.

الأغنية العاطفية

هي نسق من الأغاني التي يتغنى بها الناس كدلالة  لما للعشق والحب من منزلة وقدرة في التأثير وهي تحوي بين كلماتها عمقاً من الإحساس العالي، لا تخلو من لمسة جمالية فنية. اتصفـت بالـرشاقـة والحيوية وجمال التصوير وهي سهلة الحفظ وذو طابع موسـيقي طريف، أوزانها رقيقة سهلة بعيدة عن التعقيد، زاخرة بالألفاظ المختارة والتراكيب المنتقاة والكلام الرصين وأعلى درجات الفصاحة والبلاغة تغلبها العفة والنزاهة.

إذ أحسن المغنون الكورد البوطانيون أداءها فجـاءت أغانيهم مفعمة بحرارة قلب متيم يغمره الحـب المـثـالي المتألم؛ وجعـلوا أغانيهم العاطفية وسائل اتصال لنقل ما في مكنونات نفوسهم مـن لـوعة وألم وحرمان ونزعات الفؤاد وخلجاته واستطاعوا أن يؤثروا في سامعيهم حتى جعلوهم يشعرون بسعادة كبيرة في الاستماع لهذا النوع من الغناء العاطفي والاسـتمتاع به لا سيما القـصة التي انطلقت منها الأغنية؛ لأن معظم ملاحم العشق وراءها قصة فريدة."*

أنواع الأغنية العاطفية الثلاث:

1-الأغاني الحوارية: مثل أغنية (هسامي آغي ولالي خان)  

2-الأغاني التي تؤديها الحبيبة: وتسمى (الحيران)

3- أغاني الملاحـم العشقية: مـثـل أغـنـية وَيْ هـه ريWey herêويُقال إنها قصة لمرأة وقعت في غرام أحد الرعاة وفضلته على الأمير.

أغاني الخاصة بالزفاف والفرح

وهو نوع خاص من الغناء في الفلكلور الكوردي تملؤها البهجة وتؤدى من قبل جوقات من الفتيات والنسوة وهنَّ ملتفات حول العروسين، يتبادلنَّ فيما بينهن كمجموعتين أولى تغني المقطع الغنائي ومجموعة ثانية تردد معيدة ما غنته المجموعة الأولى بأداء ذات اللحن وطريقة الاداء.

وقد شغـلت أغاني الأفراح والمناسبات حيـزاً كبيراً من سلسلـة الأغـاني الشعـبـية لساكني المنطقة من بدو وحضر. كانت لها سمة ملفته في إحداث نوع من الإنسجام الجميل بين الرقصات الشعبية والأغاني. ولم تخلو أغنيات الكورد من آلامهم وأحاسيسهم الفطرية الإنسانية. وتـنـوعت تلك الأغاني حسب أنواع الرقص بعضها للرقصات البطيئة وبعضها للرقصات السريعة، وبعضها خاصة بالنساء والبعض الآخر للرجال.

أغـاني الـمـآتـم

وهي نوع شاع للتغني ورثاء الفقد وما له من آثار ثقيلة، وهي اغاني خاصة للمحن والمصائب أو فراق شخص عزيز، مليئة باللوعة والأسى والحنين؛ وجاءت في عدة اتجاهات:

1 ـ رثاء الأحبة.

2 ـ المدح للفقيد أوأهله.

3 ـ القدح والذم لخصوم الفقيد.

الأغـنـيـة السـاخـرة

هو نوع دارج من الغناء المستمد من واقع الحال، كان يلجأ له الكورد من الشباب المغنون لبث روح الفكاهة والدعابة والضحك للتخفيف من أعباء الحياة، وكانت تُلحن وأحياناً يرافقها الرقص.

أغاني الحصاد

غلب عبر التاريخ نمط حياة  البداوة والرعي والزراعة كنشاط بشري للكورد، حين أبدعوا وألفوا أغنياتهم كطريـقة للترفيه عن النفس لنسيـان التعـب وإضفاء لمسة فنية وجمالية على العمل فـقاموا بصياغة أغانٍ خاصةالحصاد المشبعة بالكلمات والألحان الفلكلورية تعبيرا عن حب الأرض وارتباطهم بها، ولا تخلو من مشاعر الحماس وتحفز على النشاط.الغناء الفلكلوري للمنطقة بكل كلماتها وألحانها هي مرآة لحياتهم. وهذا النوع من الأغاني كانت من مهمات قائد المجموعة (Ser pale) الذي يبدأ بالغناء ومهمة الآخرين ترديد الغناء بنفس الأداء بانسجامٍ تام مع عملية الحصادوعلى سبيل المثال أغنية شميراني.

أغاني الاطفال          

أغاني الاطفال لدى الكورد في منطقة بوطان:

1-               نوع يغنى من قبل الأمهات بهدف تنويم أطفالهن. تؤثر في الطفل وتجلب له النعاس والراحة.

2-               ونوع يغنى من قبل الأطفال أنفسهم عندما يلتقون للعب سوياً،تحمل طابع الفكاهة والسرور.

ولعل اختياري لهذا الموضع للأساب الشخصية التالية:

1-   الأدب الشفاهي الكوردي حقيقة يحتاج لأبحاث طويلة لتعوض النقص الموجود  وإغناء للمكتبة الكوردية العربية.

2-   المادة باختيارالأغنية الكوردية هي مجرد إشارة إلى قيمة التراث الشعبي كنتاج تفاعلي إنساني بين الشعوب وما يؤديه كل شعب بخصوصيته من دور قيم في بناء وتشييد الحضارة الإنسانية.

3-    تقدير لمقدرة الإنسان على مرّ العصور بالرغم من كل الظروف على ابتكار أنواع من وسائل الاتصال والتواصل، لتوثيق حالته الاجتماعية والسياسية في عصر ما.

4-   الفلكلور الشعبي من المعالم الوطنية الإنسانية لأي هوية لشعب ما، بكل معتقداته وأفكاره وعاداته لكل أوجه الحياة،  لهجاته، خرافاته، أساطيره.

دعوة إلى التعرف والاهتمام والتسامح والتعايش بين شعوب المنطقة وكشف معالم الجمال والحس الإنساني الذي يكشف عن الوجه الأصيل لأي شعب في هذه المنطقة عبر تراثه الحضاري.وختاماً موضوع التراث الحضاري للشعوب يشبه الإبحار وكشف أعماق المحيطات، كلما خضناه عمقاً كلما زاد انبهارنا بمكنوناته النفيسة، رحلة عبر الزمان والمكان، نتحول فيها للسندباد حيناً ، نتخيل قصص ألف ليلة وليلة، نشتم عبق آلاف الحكايا المبهرة بأنفاس الراحلين، نفرح ونحزن ونتألم حيناً للمجريات، نقف ونبجل عظمة هذه الفرصة بأن نكون شخوصاً تتعلم كل هذا عن الكون. ولكن في النهاية ندرك بأن الحياة رحلة واحدة باتجاه واحد لا مجال لنا سوى خوضها حتى النهاية بوسيلة ربما نكون من اختارها أو حتى مفروضة علينا.

 

مراجع وكتب

1-    كتاب" الأدب الشفاهي الكوردي" للباحث علي الجزيري الصادر عن دار كاوا للنشر والتوزيع في  بيروت – لبنان سنة 2000.

 

2-    * كتاب"الميران في إمارة بوطان" للباحث عيسى ابراهيم سعيد الصادر عن دارالينابيع للطباعة والنشر والتوزيع– دمشق 2007.

 

3-    الدكتور رسول، عزالدين مصطفى، عنوان الدراسة: مقدمة لدراسة الفلكلور الكوردي، مجلة التراث الشعبي الكردي، المقدمة.

4-    * إمارة بوطان وفق موقع ويكبيديا.

5-    https://www-rudaw-net.cdn.ampproject.org/v/s/www.rudaw.net/arabic/culture/04102021-amp?amp_js_v=0.1&usqp=mq331AQKKAFQArABIIACAw%3D%3D&utm_source=KwikPlayer&utm_medium=KwikShare&utm_campaign=KwikMotion

الرابط لأحد الباحثين السوريين في شؤون الفلكلور الكوردي، صالح حيدو من محافظة الحسكة في سوريا لمؤسسة روداوو الإعلامية وهو مترجم للعربية.

 


 

 

 

أغاني التراث في سوريا "الأغنية الكوردية نموذجاً" Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on نوفمبر 02, 2022 Rating: 5                    أغاني التراث في سوريا   "الأغنية الكوردية نموذجاً"             Pênûsa Azad -Hijmara 12`an ...

ليست هناك تعليقات: