كفّوا عن تخوين الرمز الكوردستاني (كاوه الحداد)!
ادارة الموقع:
نظرا لاهمية هذا الموضوع تم نسخه من صفحة الباحث مهدي كاكايي
1. (دێئاكۆ Dêako) ليس إسماً لِمؤسس المملكة الميدية، بل أنّه لقب له والذي يعني (رئيس الإقليم) باللغة الميدية. هذا الإسم يتكون من مقطعَين، (دهيۆ) الذي يعني (إقليم) والذي أصبح في اللغة الكوردية (دێ Dê) التي تعني (قرية) [1]. المقطع الثاني من إسم (دێئاكۆ Dêako) هو (آكۆ Ako) الذي يعني (رئيس) أو (قائد). بمرور الزمن تحوّل كلمة (آكۆ) في اللغة الكوردية الى (كاو) من خلال تبادل حرفَي الألف (ا) والكاف (ك) موقعَيهما مع البعض وهذه الظاهرة شائعة في اللغة الكوردية، حيث على سبيل المثال أنّ قسماً من الكورد يلفظون كلمة (درويش) بصيغة (دوريش)، بتبادل كل من حرف الراء (ر) والواو (و) موقعهما مع البعض. كما أننا لو نقرأ الكتابات الكوردية للدكتور جمال نَبَز، نرى أنه يكتب (ملوێنMilwên ) بدلاً من (مليۆن Milyon) وهنا أيضاً تظهر لنا ظاهرة تبادل مواقع الحروف في اللغة الكوردية. حرف (ه) الكوردية في نهاية إسم (كاوه) التي تعادل علامة الفتحة العربية، هي الحرف الدال على المفرد الغائب. هكذا دخل المقطع الثاني (آكۆ) من إسم مؤسس المملكة الميدية الذي يعني (رئيس) أو (قائد)، الى الأسطورة الكوردية لنوروز وتحول فيها بمرور الزمن الى إسم بطل الأسطورة النوروزية (كاوه). من جهة أخرى (أژدها) تعني (ثعبان) في اللغة الكوردية، حيث أنّ الثعبان ذو المنظر المُخيف وذو السموم القاتلة يُمثل محتلي كوردستان الذين دحرهم الملِك الميدي (دێئاكۆ Dêako) وأسس مملكة ميديا. من هنا نرى أنه ليس هناك أي ربط لغوي بين إسم آخر ملِك ميدي (أستياگ) وبين (أژدهاك).
2. كل من عيد نوروز والتقويم الكوردي يبدأ من تأسيس مملكة ميديا. هذا يعني أنّ ثورة (كاوه الحداد) على الملِك الظالِم حدثت في نفس السنة التي تمّ فيها تأسيس مملكة ميديا وكان (أستياگ) آنذاك لم يكن مولوداً. هذا بِدوره يُشير الى أنّ (كاوه الحداد) يُمثّل مؤسس المملكة الميدية (دێئاكۆ Dêako) وأنّ (أژدهاك) يُمثّل التحديات الكبرى التي واجهها (دێئاكۆ Dêako) في توحيد القبائل الميدية وتأسيس مملكة ميديا والتي نجح فيها كما نجح الثائر الكوردستاني الأسطوري (كاوه الحداد). أفراد المجموعة الذين يقومون بِتخوين هذا الرمز الكوردستاني العظيم، يخلطون بين وقت ثورة (كاوه الحداد) التي حصلت عند بدء تأسيس مملكة ميديا الذي آنذاك لم يكن (أستياگ) مولوداً وبين وقت إسقاط مملكة ميديا ومقتل آخر ملِكها (أستياگ) رغم الفاصل الزمني بين تأسيس مملكة ميديا وسقوطها الذي هو (150) سنة (700 – 550 قبل الميلاد). بِسبب التشابه اللفظي بين إسم (أستياگ) و(أژدهاك) (الثعبان) اختلط الأمر عليهم، حيث أنه في وقت الثورة الأسطورية ل(كاوه الحداد) لم يكن (أستياگ) مولوداً.
3. قصة (كاوه الحداد) هي أسطورة غير حقيقية، لها جذور ميثولوجية ودينية في عُمق التاريخ الكوردي، حيث أنه على سبيل المثال، عندما تسرد هذه القصة نمو ثعبانَين على كتف الملِك الظالم، نعرف أنها مجرد أسطورة مُختلَقة لأنه لا يمكن نمو ثعابين على أكتاف البشر ونعرف حينذاك أيضاً أنّ إسم الملِك الظالم متأتي من إسم الثعبانَين النامييَن على كتفه، فسُمّي (أژدهاك) باللغة الكوردية الذي يعني (ثعبان) نسبةً الى الثعابين النامية على كتف الملِك الظالم.
كل شعوب العالَم يخلقون الأساطير والرموز ليلتفّوا حولها ولِتوحّدهم وتكون جزءاً من هوياتهم الوطنية. مثل بقية شعوب الأرض، أوجد الشعب الكوردي أسطورة (كاوه الحداد) لِخلق رمزٍ كوردستاني، رمزٍ للنضال الكوردستاني، رمزٍ مُلهِم للنضال من أجل تحرير وتوحيد وإستقلال كوردستان، إلا أنه مع الأسف هناك نفر من الكورد يحاولون قتل هذا الرمز والأمل الكوردستاني الذي لا يستفيد منه غير مُغتصبي كوردستان.
أود هنا أن أقول أيضاً إنه بكل أسف وألم أنّ الأحزاب السياسية الكوردستانية لم تكتفِ بالتحارب فيما بينها، بل خلقتْ علَمَين كوردستانيَين وتقويمَين كوردستانيَين وكتابات كوردية بِحروف مختلفة والتي تمحو الهوية الكوردستانية. ستختفي هذه الأحزاب وتترك تاريخاً مُظلِماً وراءها وستلعنها الأجيال الكوردستانية القادمة. أملي كبير أن يستفيد الجيل الكوردستاني القادم من فشل وإخفاق الجيل الكوردستاني الحالي وأن يخلقوا مجتمعاً كوردستانياً واعياً، متعلماً، مثقفاً، مفعَماً بالشعور الوطني الكوردستاني، يُنظّم صفوف الكوردستانيين ويوحّدهم ويحرّر شعبه وبلاده من الإستعمار الإستيطاني ويبني دولة كوردستان الديمقراطية المتمدنة والمتقدمة والمزدهرة.
أود هنا أن أذكر بأنه ما لم يتقن الباحث الأجنبي اللغة الكوردية وما لم يلمّ بالميثولوجيا والأديان الكوردية، فأنه سيكون عاجزاً عن اجراء أبحاث موضوعية عن التاريخ الكوردي واللغة والميثولوجيا الكوردية وأنّ الباحث الكوردي هو المؤهل للقيام بمثل هذه الدراسات بموضوعية وعلمية.
ليست هناك تعليقات: