الكرد والاعتقال السياسي في سورية (1920-2017)
القسم الأول
Pênûsa Azad:H-21
الكاتب: عمر رسول
ملخص البحث: يهدف هذا البحث النظري- التاريخي إلى تسليط
الضوء على قضية الاعتقال السياسي للكرد في سوريا، منذ الانتداب الفرنسي في
العشرينيات من القرن الماضي وحتى منتصف الثلث الأول من القرن الحادي والعشرين.
لقد ركّز البحث على خصوصية كلّ مرحلة من المراحل
التي تصاعدت فيها حدة الاعتقالات طبقاً للظروف على الصعيد الداخلي أو الخارجي،
وذلك من خلال التركيز في البداية على موضوع الاعتقال عموماً في المراحل المختلفة
تاريخياً، وربطه بماهية السلطة السياسية وحلقات الصراع الثلاث، الأيديولوجية
والاقتصادية، والسياسية. دون أن يغفل البحث عن تتبع حيثيات تطور السجن عبر التاريخ
وتعريف المعتقل السياسي، والمواقف المختلفة من قضية المعتقل السياسي من الأطراف
المختلفة أيديولوجياً، هذا فضلاً عن ملحق خاص بمجموعة من الوثائق الفرنسية التي
تلقي الضوء على العلاقة الفرنسية التركية في رصد الحدود وتعقب الشخصيات الكردية
غير المرغوبة فيها.
ومن المؤكّد أنّ التركيز على الاعتقال السياسي
للكرد، لا يعني البتة التمييز بين اعتقال واعتقال، بل الهدف الأساسي من ذلك هو
الجانب المعرفي، وتهيئة المناخ الفكري لتقريب وجهات النظر التي من شأنها فتح آفاق
جديدة لكل القضايا العالقة وإيجاد حلولٍ مناسبةٍ لها في إطار وعي حضاري معاصر شامل.
مقدمة:
إنّ بلدان الشرق الأوسط بما فيها سورية أمام
تحولات كبرى في هذه اللحظة التاريخية. لقد أوصلت النظم السياسية فيه بلدانها إلى
حافة الهاوية، إن لم نقل الهاوية بعينيها، وقد لا تخرج منها لسنوات عديدة قادمة إن
لم تتوفر شروط لذلك. وعند البحث عن الأسباب المنطقية التي أوصلت هذه البلدان إلى
هذا الوضع الكارثي على المستويات كافة، سيتبيّن أنّ السلطة السياسية وطبيعتها
وممارساتها اللاعقلانية ستكون على رأس قائمة الأسباب الأساسية.
فما نشهده من تراجيديا دموية عاصفة في هذه
البلدان، صراعاً على السلطة السياسية، لا تترك إلاّ فسحةً ضئيلةً للمشاريع الفكرية
النهضوية لدى قطاع واسع من المفكرين، والسياسيين، والمثقفين الذين كرّسوا جُلّ
حياتهم من أجل إيجاد حلول جذرية لقضية السلطة السياسية، كي يتمكّنوا من التغلب على
أهم التحديات التي تعيق مشاريعهم النهضوية، وتمنعهم من إنتاج فضاء تتحرك فيه طاقات
أممهم لتنفتح على الحضارة والمستقبل في آن، وتستعيد زمام التفاعل مع محيطها مرة
أخرى من جديد.
إنّ تناول موضوع الاعتقال السياسي
عموماً يدفعنا أن نتساءل: هل للمعتقل السياسي تعريف واحد عند الجميع؟ وهل يوجد فرق
بين المعتقل السياسي ومعتقل الرأي؟ وكيف ينبغي النظر إلى المعتقل السياسي، هل ننظر إليه من الزاوية الحقوقية القانونية المحضة، أم
ننظر إليه من الزاوية السياسية الطبقية أيضاً؟ وهل يعتبر قضية المعتقل الذي يطالب
بالحقوق القومية هي نفس قضية المعتقل الذي يطالب بالسلطة السياسية؟
ستحاول هذه الدراسة الإجابة على هذه الأسئلة،
والتركيز في سياقها على موضوع الاعتقال السياسي الكردي في سورية بدءاً من عشرينيات
القرن الماضي وحتى العقد الثاني من هذا القرن لرسم خارطة للنضالات الكردية الوطنية
السلمية في المراحل المختلفة من تاريخ سورية الحديثة من جهة، ولإلقاء المزيد من
الضوء على قضية السلطة السياسية التي باتت من أهم التحديات التي تواجه جميع
السوريين بلا استثناء من جهة أخرى.
السلطة السياسية والاعتقال
مدخل نظري- تاريخي
استغرق الوقت طويلاً مع الكائن البشري حتى انتقل
خلال مسيرة تطوره في التاريخ من الإنسان إلى المواطن، أي من الطبيعة إلى المدينة،
من الحياة الطبيعية التي لا تحكمها سوى غريزتي الجوع والخوف إلى الحياة المنتظمة
التي تسودها الشرائع المنظّمة لحياة المواطنين وعلاقتهم بالدولة وفقاً لمصالح
أشخاص أو طبقة سائدة تتحكم بمفاصل السلطة وتسعى من خلالها إلى هيمنة سيطرتها
بالعنف والقوة.
لقد تشكّلت منذ ذلك الوقت السلطة السياسية التي
عرفت أشكالاً مختلفة مع تطور المجتمعات والأمم عبر التاريخ، بدءاً من أقدم العصور
حتى العصر الحديث مروراً بعصر النهضة الأوربية.
لعبت الفلسفة اليونانية دوراً
بارزاً في تطوير وبلورة الفكر الفلسفي بشكل عام والفكر السياسي والحقوقي كأساس
للدولة والسلطة بشكل خاص.
لقد طرح فلاسفة اليونان قضايا فكرية تتعلّق بصلب
الدولة والسلطة السياسية والقانون، في محاولة منهم وانطلاقاً من الضرورة
التاريخية، لإرساء الأسس المعرفية الأولى لفهم الوجود وتفسيره على أساس عقلاني لا
على أساس ديني أو خيالي ميثولوجي.
بدأت معركة العقلانية والتنوير منذ ذلك الحين في
أثينا لتحرير الأفكار من هيمنة الأسطورة من جهة، ولطرح ومناقشة الشروط التي ينبغي
توافرها لتكريس سيادة الدولة وتحقيق شروط الدولة الفاضلة من جهة أخرى. وما كانت
تشريعات “دراكون”
و”صولون” وغيرهما في أثينا إلّا خطوة ملموسة في هذا الاتجاه لتحقيق تلك الغاية.
وككل مجتمع اختلفت الآراء السياسية لدى المفكرين
والفلاسفة الأوائل حول القضايا الرامية إلى تنظيم المجتمع والقضايا القانونية التي
تمسّ حياة الناس وتوثّق العلاقة بينهم وبين الدولة لتقديم الطاعة المطلقة للقانون
السائد.
بالرغم من ظهور
شرائع عديدة في التاريخ كشريعة “حمورابي” وشريعة “مانو” وشرائع أخرى في حضارات قديمة مختلفة والتي لا تقلّ سموّاً
من تلك التي ظهرت في أثينا، فإنّها لم تتطور مثل قرينتها في أثينا ربما لافتقارها
للزخم الفلسفي والفكري الذي رافق التشريعات في اليونان والتي كان لها تأثير كبير
على المجتمع الإنساني ولا يزال حتى يومنا هذا.
فقد تمحور الفكر السياسي السفسطائي
في أثينا، على سبيل المثال، حول أنّ “الحق والقوة شيء واحد، وأنّ العدالة هي تحقيق مصلحة القوي، والظلم
هو ألا يعمل الضعيف من أجل مصلحة القوي، وهي صورة أولية للفكر البراغماتي الأمريكي”[1].
أما أفلاطون فقد رفض الفلسفة السياسية
للسفسطائيين واعتبر “إنّ الفضيلة هي المعرفة، والمجتمع السياسي لا يقوم بدون
فضيلة، والفضيلة لا يوفّرها إلاّ أصحاب المعرفة وهم الفلاسفة والعلماء، وأن السلطة
السياسية وإدارة الحكم لا تكون إلاّ لهؤلاء، وبهذا المعنى يتجاهل أفلاطون
الديمقراطية لاعتقاده بعدم صلاحيتها”[2].
ولكن خلافاً لفلسفة السفسطائيين
وأفلاطون كانت فلسفة أرسطو السياسية أكثر واقعية منهما لأن “الدولة الدستورية هي
مثله الأعلى، واعتبر أن الضمان الوحيد للحكم هو القانون”[3].
“كان يرى إنّ علم
السياسية هو علم السعادة الجماعية، في حين إنّ علم الأخلاق هو علم السعادة
الفردية، وإنّ وظيفة الدولة هي أن تقيم مجتمعاً يحقق أعظم سعادة لأكبر عدد من
الناس”[4].
فمنذ ألفي عام وأكثر، بدءاً من أفلاطون وأرسطو
ومنتسكيو مروراً بفولوبيوس وشيشرون في العصور القديمة، وميكافيللي في فجر العصور
الحديثة، وهوبز وسبينوزا في القرن السابع وروسو على أعتاب الثورة الفرنسية….وحتى
يومنا هذا، والفلاسفة والمفكّرون لا ينفكون عن البحث عن أفضل السبل لإرساء قوانين
الحكم ومبدأ فصل السلطات استناداً إلى المنهج العقلي لا التجريبي.
إلى جانب هذه الحركة الفكرية وبفعلها كان النظام
القضائي يتبلور ويرتقي في كل من أثينا أولاً ومن ثم في روما وبعدها في أوروبا في
عصر النهضة.
لقد كان للقانون الأثيني شأن عظيم
في حياة الناس إذا ما عرفنا ما كان يشعر به كل أثيني تقريباً من احترام عظيم له،
فقد كان القانون في اعتقاده “هو روح المدينة، ومصدر سعادتها”[5].
وأصبحت مصدراً
للشرائع في الدول اليونانية الأخرى، فاستعارت الجزء الأكبر منها إلى أن قال
إيسقراط (436-338 ق م) بهذا الصدد: “ليس هناك من ينكر أن شرائعنا هي مصدر الكثير
من الخير العظيم في حياة البشرية”. ففي أثينا نجد المرة الأولى في التاريخ حكم
القوانين لا حكم الناس.[6]
والتشريع اليوناني في هذا كما هو
في غيره من المسائل أساس للتشريع الروماني الذي أصبح بدوره فيما بعد الأساس
القانوني للمجتمع الغربي.
لقد شهدت أثينا ومن بعدها روما أشكالاً عديدة
للعقوبات، وكانت العقوبة الشائعة في اليونان القديمة هي “الضرب، والغرامة،
والحرمان من الحقوق السياسية، والكي بالنار، ومصادرة الأموال، والنفي، والإعدام،
وقلما كان المذنبون يعاقبون بالسجن، وكان من المبادئ المقررة في القانون اليوناني
أن يعاقب العبد في جسمه، وأن يعاقب الحرّ في ماله”[7].
أما العقوبات في روما فقد “كانت
تختلف باختلاف منزلة المحكوم عليه، وكانت أقساها ما يوقع على العبيد، فقد كان
بالاستطاعة أن يحكم على العبد بالصلب، أما المواطن فلم يكن يُستطاع صلبه، ولم يكن
يستطاع جلد المواطن الروماني أو تعذيبه أو قتله.”[8]
وكانت من العقوبات الشديدة الشائعة “أن يفقد
المجرم حقوقه المدنية. وكان فقدان هذه الحقوق يتدرج من فقد الأهلية للميراث إلى
الطرد من البلاد، إلى الاسترقاق(…) وقلما كان يُلجأ إلى السجن ليكون عقوبة دائمة”[9].
كما يبدو من جملة العقوبات في كل من أثينا وروما
لا يحتل الاعتقال والسجن، أياً كانت دواعيه، سياسية أم قضائية، المرتبة الأولى في
قائمة العقوبات، كما هو في الوقت الحاضر، بل كان يأتي في أسفل المراتب.
ويعتقد الكثير من المؤرخين أن
تاريخ السجون يعود إلى الفراعنة حيث أنهم كانوا أول من توصلوا إلى فكرة السجن
لإيداع المتهم فيه ريثما يتم البت في أمره.
وقد ورد ذكر السجن في القرآن الكريم، في سورة
يوسف، في إشارة إلى سجن النبي يوسف عليه السلام[10]. كما ورد ذكر
السجن في التوراة والعهد القديم على أنه كان موجوداً في القدس منذ عصر النبي موسى
عليه السلام وما قبل ذلك.
في دراسته لتاريخ مؤسسة السجن نجد ثلاث مراحل عند
“فوكو” لتطور هذه المؤسسة. فقد كان السجن يأتي في أسفل درجات العقاب إبان عهود
الحكم المطلق لوجود أشكال أخرى من العقوبات الشديدة لكل حالة اختراق للسيادة
المطلقة للحاكم. وفي المرحلة الثانية، مع الغاء العقوبات التي تكشف عن جبروت وسطوة
الحاكم غير المحدودة، ذات النزعة الانتقامية الرامزة للسلطة المطلقة، يغدو السجن
هو المؤسسة المركزية للعقاب. وفي المرحلة الثالثة، يخرج عن حدوده المغلقة مع اصلاح
القوانين الجنائية، ويتعمّم ليطبع نسخته على مؤسسات أخرى معدّة للرعاية والإصلاح
والتأهيل كالمصنع والمدرسة والثكنة…الخ[11].
وبخصوص ولادة السجن بالمعنى الحديث للكلمة يذكر
فوكو “فلقد تحقق في منعطف القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، انتقال إلى عقوبة
الاعتقال، هذا صحيح وكان شيئاً جديداً”[12].
ويمضي
الفيلسوف الفرنسي في إعطاء المزيد من التحليل للظروف التي ساد فيها الاعتقال
كعقوبة مثلى حيث يقول: «عند منعطف القرنين (الثامن عشر والتاسع عشر)، عَرّفَ
تشريعٌ جديدٌ سلطةَ العقاب بأنّها وظيفة عامة في المجتمع تمارس بذات الشكل على
أعضائه، وفيها يكون كل منهم ممثلاً على قدم المساواة، ولكن التشريع الجديد جعل
الاعتقال العقوبة المثلى، أدخل إجراءات سيطرة تمييزية لنمط خاص من السلطة، عدالة
تصف نفسها بأنّها “المساواتية”، وجهاز قضائي يصف نفسه بأنه “ذو استقلال ذاتي”،
ولكنه تجتاحه فروقات أشكال الإخضاع الانضباطية، ذلك هو ظروف ولادة السجن، “عقوبة
المجتمعات المتحضرة”».[13]
ومن ثم في مرحلة أخرى حوالي منتصف القرن التاسع
عشر، ظهر الحبس الانفرادي بموجب «التعميم المؤرخ في 9 آب 1841 حول بناء بيوت
التوقيف، وأخرى أصبحت أبنية هندسية فعلية جداً. مثل “بتيت روكيت”، petite Roquette
حيث تحقق في
فرنسا لأول مرة الحبس الانفرادي».[14]
عندها اكتمل السجن كمؤسسة عقابية وغدا أداة هامة
بيد السلطة السياسية لإنزال العقوبة “الشرعية” بحق معارضيها والمخالفين لقوانينها.
ولأداء وظيفتها باتت تستخدم التعذيبَ والتنكيل
بالمتهم جسدياً، ومع مرور الزمن ولإنجاز وظيفتها انتقل التركيز من التعذيب الجسدي
إلى نمطٍ آخر من التعذيب أشد قسوة وهو «إنّ التكفير الذي يتكالب على الجسد قد
استبدل بقصاص يعمل بالعمق على القلب والفكر والإرادة والاستعدادات. ولمرة أخيرة
صاغ “مابلي” المبدأ
“فليتناول القصاص، إن أمكن التكلم هكذا، الروح قبل الجسد”».[15] الأمر الذي فتح
الباب واسعاً أمام أشكال متنوعة للتعذيب النفسي لتحطيم إرادة المعتقل وجعله الرضوخ
للقانون والانصياع لسلطة الطبقة السائدة أياً كانت طبيعتها.
السلطة السياسية وحلقات الصراع
الثلاث: الأيديولوجية – الاقتصادية – السياسية
إنّ طبيعة السلطة السياسية كإحدى العناصر
المكوِّنة للدولة تتحدّد بالطبقة المسيطرة على تلك السلطة. وتسعى هذه الطبقة
دائماً إلى إخضاع تطور البنية الاجتماعية لسيطرتها السياسية، وبالتالي الطبقية،
لضمان أنّ التطور سيبقى في إطار علاقات الإنتاج القائمة، وتفرض بالعنف الإطار
البنيوي الذي يمنع خروج الصراع الطبقي عن الإطار البنيوي لتطوره. لهذا يظهر الصراع
الطبقي بمظهر الصراع الأيديولوجي أو الاقتصادي. وبناءً على ذلك، يتخذ الصراع
الطبقي من أجل السلطة السياسية أشكالاً مختلفة من الممارسات تتحرك على المستويات
المميزة للبنية الاجتماعية.
حيث هناك
ممارسة سياسية وممارسة اقتصادية وممارسة أيديولوجية للصراع الطبقي. وبما أن
الممارسة السياسية للصراع الطبقي يستهدف أساساً إلى التحويل الثوري في علاقات
الإنتاج، وبالتالي، انتزاع السلطة السياسية من يد الطبقة المسيطرة، نرى أنّ
الممارسة السياسية للطبقة المسيطرة تتمحور حول منع الطبقات الخاضعة لسيطرتها من
الممارسة السياسية لصراعها الطبقي معها. أي أنّها تحتكر الممارسة السياسية لنفسها
كطبقة مسيطرة في صراعها الطبقي في مواجهة الطبقات الخاضعة لسيطرتها، وتدفع بذلك
الممارسة السياسية للصراع الطبقي على السلطة ضمن حركة تنابذية/ تجاذبية إلى الحقلين الاقتصادي والأيديولوجي ما
أمكن، لضمان استمرارية سيطرتها الطبقية[16].
كان هذا هو التفسير الطبقي لمستويات الصراع على
السلطة السياسية فيما مضى، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي كالقطب الممثّل
للنظام الاشتراكي النقيض للنظام الرأسمالي تراجعت هذه المفاهيم إلى حدٍّ كبير، على
الأقل، في هذه المرحلة من التطور البشري على الصعيد العالمي، لصالح مفاهيم أخرى لا
زالت موضع جدال كبير.
ومع ذلك فإنّ هاجس السلطة السياسية الأول هو ألاّ
يصل الصراع المعارِض، إن جاز التعبير، إلى الحلقة السياسية، إنها تبذل قصارى جهدها
وتستنفر كل قواها لإجهاض أي ممارسة سياسية للقوى الساعية إلى التغيير بمعزل عن
توجهها السياسي أو الطبقي.
وما يدور من صراع على السلطة السياسية في سوريا
الآن لهو دليل ملموس يؤيد هذا الرأي.
الاعتقال السياسي- رؤى مختلفة
يعتقد المرء للوهلة الأولى، بعدم وجود أي خلاف في
الرأي فيما يخص قضية المعتقل السياسي، أياً كانت هويته أو أيديولوجيته أو اتجاهه
السياسي. ولكن عند القيام ببحث معمّق للرؤى المتباينة سرعان ما سنكتشف أن اعتقادنا
يصطدم بجدار من الوهم وذلك لوجود هوة واسعة بين المفاهيم المتعلقة بقضية السجين
السياسي عند الفرقاء المختلفين.
في الواقع، يمكن التمييّز بين
فئتين رئيسيتن في هذا المجال، وهما رجال القانون ورجال السياسة. فرجال القانون
يتفقون عموماً على التعاريف القانونية للمعتقل السياسي وحقوقه، ويميّزون بين درجات
هذا الاعتقال انطلاقاً من الأسس الحقوقية التي تتفق عليها معظم المنظمات الحقوقية
الدولية وتتبناها دفاعاً عن المعتقل.
إنّهم يجمعون على تعريف “الاعتقال السياسي” بأحد
المعنيين وفقاً لتعريف منظمة العفو الدولية:
الأول: سجناء الرأي، وهم هؤلاء الذين يعتقلون في
أي مكان بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية أو أية معتقدات أخرى نابعة من
ضمائرهم، أو بسبب أصلهم العرقي، أو جنسهم، أو لونهم، أو لغتهم، أو أصلهم القومي أو
الاجتماعي، أو وضعهم الاقتصادي، أو مولدهم، أو أي وضع آخر، دون أن يكونوا قد
استخدموا العنف أو دعوا إلى استخدامه.
الثاني: يعرّف
السجناء السياسيون على أنهم الذين يعتقلون بسبب آرائهم/ـهن أو معتقداتهم/ـهن
السياسية الموجهة ضد السلطة الحاكمة في بلدانهم.[17]
كما أن هناك شبه إجماع على التمييز بين مفهوم
“المعتقل السياسي” و “السجين
السياسي”، حيث يتفقون على أن الفرق بين الاثنين هو أن “السجين
السياسي يكون قد صدر بحقه حكماً قضائياً بالحبس والسجن أما المعتقل فهو من تُحتجز
حريته دون قرار قضائي.
كما يلاحظ ثمة تقاطع كبير بين التعريفين، إلاّ
أنّ تعبير “معتقل الرأي أشمل من تعبير “المعتقل السياسي”.
أما رجال السياسة والأيديولوجيا فلدى فئة منهم
رأي مختلف كلياً عن رأي الحقوقيين والقانونيين في هذا الشأن. إنّه في الواقع رأي
إشكالي عميق يستند إلى المنطلقات الأيدولوجية في النظر إلى قضية المعتقل السياسي.
إنّهم يرفضون رفضاً تاماً كل تعريفات الحقوقيين ويتبنون موقفاً نقيضاً لموقف كل
المنظمات الحقوقية!
ويظهر هذا الرأي جلياً في مواقف بعض الأحزاب
اليسارية الماركسية.
إنّ هذا التيار يربط تناول الاعتقال السياسي
بالمنهج الذي يعكس الإطار الفكري العام الذي يحدّد بدوره الموقع الطبقي الذي يدافع
عنه.
وبناءً على هذا الفهم يطرح هذا التيار السؤال
التالي: هل يجب دعم المعتقلين السياسيين بغض النظر عن خلفياتهم الأيديولوجية
والسياسية؟ أو هل يجب الاعتماد على القانون من أجل الدفاع عنهم حتى لو كانوا
حاملين ومدافعين عن تصور رجعي مثل الظلاميين والفاشيين وغيرهم؟
ويأتي جواب أصحاب هذا الرأي على الأسئلة المطروحة
أعلاه كالآتي: «ينطلق التصور الحقوقي عامة من قاعدة المساواة بين الناس وبين
“المواطنين” وعلى أرضية هذه القاعدة يتأسس كل الإطار العام لما يسمى بـ”حقوق
الإنسان” الذي يشكّل المرجعية الفكرية لكافة المواقف السياسية التي يرفعها أصحاب
هذا التصور بما فيها الموقف من الاعتقال السياسي وكيفية التعاطي معه.
إنّ
الانطلاق من قاعدة المساواة بين أفراد المجتمع، هو أساس الدعاية البرجوازية حول
المساواة أمام الحق وأمام القانون، وأمام الدولة التي كثّفها السياسيون
البرجوازيون في شعار “دولة الحق والقانون” الذي تنبثق عنه مختلف الشعارات السياسية
الأخرى التي يرفعها أصحاب التصور الحقوقي مثل الشعارات المرتبطة بمناهضة الاعتقال
السياسي والمطالبة بالحرية، وحرية التعبير، والحركة الفكرية “والمحاكمات العادلة”،
وغيرها».[18]
يعتبر أصحاب هذا الرأي إنّ التصوّر الحقوقي
للمساواة بين جميع الناس في المجتمع الواحد ما هو إلا وهم يخدع به الناس في ظل
مجتمع طبقي.
إن الفريقين يرفعان معاً شعارات مناهضة الاعتقال
ولكن بتصورين مختلفين، فبالنسبة للتصور الحقوقي، «يتحدّد الأفق السياسي في النضال
من أجل دولة “الحق والقانون”
و” سيادة القانون” و” استقلال القضاء في ظل مجتمع طبقي متناحر. أما بالنسبة للتصور
الشيوعي فإنه يعلن من البداية استحالة ذلك بدون قلب علاقات الإنتاج ومنه يتحدد
اتجاه النضال في التهيؤ والقيام بالثورة».[19]
ومن هذا المنطلق يعتبر التصور الشيوعي واجباته
تجاه المعتقلين هي الدفاع عنهم لتحسين أوضاعهم في السجون، وفي التعريف بهم
كمناضلين وبالقمع والاضطهاد الذي تعرضوا له، بل وفي الدعاية للمشروع الثوري
وللقضية التي اعتقلوا من أجلها والاستفادة من ذلك للتشهير بالنظام تشهيراً
سياسياً، يفتح وينمّي وعي الجماهير حول الطريق الصحيح: وطريق الثورة، على حد وصف
هذا التصور.
ويكثّف أصحاب التصور الشيوعي هذا وجهة نظرهم
بخصوص المعتقلين الذين يخالفون أفكارهم وتصوراتهم في بناء المجتمع والدولة، حيث يرون أن دعم المعتقلين ينبغي أن يحقق هدفين أساسيين،
وهما: التشهير بالنظام الرجعي القامع، وكذلك التشهير بالمشروع السياسي الرجعي أو
الفاشي بغض النظر عن حامله، هل هو خلف القضبان أم خارجها.[20]
بالمقابل، فإن الإسلاميين لديهم محدداتهم النظرية
للسياسة والمجتمع والاقتصاد، إنّهم طبقاً لمواثيق الإخوان المسلمين، على سبيل
المثال، يهدفون إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي من منظور إسلامي شامل
في كل الدول العربية التي يتواجد فيها الإخوان المسلمون وخاصة في مصر.
فتلك المحددات تنفي مسبقاً كل التيارات السياسية
العلمانية، قومية كانت أو ليبرالية أو يسارية، إنْ كان حامليها في السجون أم
خارجها.
وإنّهم يحدّدون شكل الحكم الذي يرونه مناسباً من
وجهة نظرهم ويسعون في ممارستهم السياسية الوصول إليه، ويصفون نظام حكمهم بما يلي:
“لا نعترف بأي نظام حكومي لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه، ولا نعترف
بهذه الأشكال التقليدية التي أرغمنا أهل الكفر وأعداء الإسلام على الحكم بها
والعمل عليها، وسنعمل على إحياء نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره، وتكوين الحكومة
الإسلامية على أساس من هذا النظام”.[21]
من هذا المنطلق لا يمكن أن يدافع الإسلامي عن
العلماني في السجون، لأنهم يرون أن الذين يعارضون الإسلام “هم المتأثرون بالأفكار
الغربية… والذين يعتنقون الفلسفات الهدّامة، والأفكار الشخصانية من العلمانيين
وغيرهم، وهناك الملحدون والذين يعدّون الدين خرافة، وأخيراً أعداء الدين من اليهود
وأصحاب الديانات المحرّفة، الذين يعتبرون الإسلام عدوهم اللدود”.[22]
ومع مجيء “الثورة” السورية تحولت كل الحركات
الإسلامية في سوريا إلى حركات جهادية أو حركات مسلحة، وتشكلت العديد من الفصائل
المسلحة التي تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية مثل جند الشام وأحرار الشام وصقور
الشام ولواء التوحيد والجيش الحر، وكذلك المجموعات الجهادية مثل: جبهة النصرة،
والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
إلاّ أن جميع هذه التنظيمات تزعم
أنها تريد اسقاط النظام، ولكن من دون أن تقول إنها تريد تحقيق الحرية، أو إرساء
قوانين تتماشى مع روح العصر وتعكس التنوع في بنية المجتمع السوري.
وقد تحولت وسط “الانسداد السوري الرهيب” إلى جماعات
تكفيرية فاقت تجاوزاتها اللإنسانية بحق الشعب السوري تجاوزات النظام ذاته.
لقد تغيّر موقع هذه الجماعات بمجرد امتلاكها
القوة العسكرية حيث “ أنّ موقع الإسلاميين تبدّل من ضحايا، وسجناء ومنفيين، وشركاء
لنا في الموقع، إلى قوى متسلطة وفاشية، وهذا بالتوازي مع تصدّر السلفيين المشهد
الإسلامي. بينما بقينا نحن
(ليس كلنا!) في الموقع نفسه: موقع من يعملون على تجديد منظورات التفكير والسياسية،
ومَن يُسجنون ويُعذَّبون ويُقتَلون. ويُهجَّرون…اليوم
المسألة هي شرعيتنا نحن كيساريين وليبيراليين وعلمانيين، وحقّنا في الوجود العام
والعمل العام. فقد حطمت الجماعات الإسلامية قضيتنا التحررية بقدر ما حطم النظام
بلدنا ومجتمعنا”.[23]
هكذا يبدو الموقف من قضية المعتقل السياسي بمثابة
“الباروميتر” الذي يمكن أن نقيس به مجمل الأزمة البنيوية العميقة في الوعي لدى
التيارات المختلفة، وكم أن هذا الوعي يبتعد في ممارسته في اللحظة الراهنة عن
الأولويات الأساسية التي يتوقف عليها مجمل المستقبل السوري الخاص والعام، ويتحدّد
بها.
مراحل
الاعتقال في المجتمع الكردي في سوريا
1- بداية الاعتقالات بين الكرد وطبيعتها في
مرحلة الانتداب الفرنسي
من الصعب إجراء أي مقاربة أولية لفهم قضية
الاعتقال السياسي في صفوف الكرد في سوريا في العشرينيات وما بعدها من القرن الماضي
في ظل الانتداب الفرنسي، ما لم نقف قليلاً على حقيقة الأوضاع السياسية التي بدأت
تعصف بالمنطقة بعد قرون من الركود في ظل الحكم العثماني، ومن ثم الوقوف على حيثيات
المسألة الكردية وتداخلها بشدة بين البلدين في تلك الفترة الزمنية، ولا تزال.
سورياً، “تم الحاق جزء مستقطع من كردستان
المركزية (العثمانية) بدولة سوريا وفقاً لاتفاقية أنقرة في 20 تشرين الأول عام
1921 والتي عرفت بمعاهدة فرانكيلين- بويللون (فرانكلان-بويون)، ووضع تحت الانتداب
الفرنسي بموجب اتفاقية سايكس بيكو، ووفقاً لهذه الاتفاقية تم فصل (غرب كردستان)
بشكل نهائي عن (شمال كردستان) وأصبح جزءاً من دولة سوريا”[24] حديثة التكوين.
أما على الصعيد التركي، فقد تقلّصت حدود
إمبراطورتيها الشاسعة بعد الحرب العالمية الأولى إلى رقعة جغرافية ممتدة بين
أناضول الشمالية والقسطنطينية فقط، حسب بنود اتفاقية سيفر في 10 آب عام 1920.
فبموجب اتفاقية سيفر “وضعت المضائق التركية تحت
إشراف لجنة أوروبية، وسلّمت ما تبقى من القسم الأوروبي من تركيا إلى
اليونان. وأعطيت لكل من إيطاليا وفرنسا مناطق في جنوب تركيا، وقد تم الإقرار
بإنشاء دولة كردية ذات حكم ذاتي، وإنشاء دولة أرمنية مستقلة. وعلى أن تكون مملكة
الحجاز العربية مستقلة، في حين تم وضع المناطق العربية الأخرى تحت إشراف إدارة
كلٍّ من المملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا”.[25] أي أن تنحصر
مساحة تركية بموجب تلك الاتفاقية بين أناضول الشمالية والقسطنطينية.
لهذا كان الهدف الرئيسي لأتاتورك كممثل للتيار
القومي التركي الصاعد بعد وصوله إلى الحكم في أكتوبر 1923، هو إلغاء اتفاقية سيفر
بأي ثمن، وهذا ما حصل بالفعل لقد تمكّن من إلغاء مقررات سيفر بالتوقيع على اتفاقية
لوزان عام 1923.
وبإلغاء
الاتفاقية قضى أتاتورك وأركان حكمه على الأمل الكردي في دولة مستقلة.
حينئذٍ شعر الكرد بهول الكارثة، وبمصيرٍ ومستقبلٍ
غامضين، لقد تنكّر الجميع لوعودهم، ولم يبق لهم خيار سوى الثورة للدفاع عن وجودهم
وحقهم كشعب وأمة في الحياة، فكانت ثورة الشيخ سعيد هي بمثابة رد طبيعي على
الأكاذيب والألاعيب التي انتهجتها أركان السلطة التركية مع ممارسة شتى أشكال القمع
والاستبداد.
وللقضاء على هذه الثورة تمكّن أتاتورك من استمالة
عدد كبير من زعماء القبائل الكردية إليه بوعوده السخية ومكافأتهم على دعمهم له
لمحاربة “العدو الدنيء”، عميل الإنكليز، كما كان يصف الشيخ سعيد. كما أنه تصالح في
هذه الأثناء مع فرنسا التي كانت سلطة منتدبة في سوريا “واتفق معها على نقل قواته
عبر الخط الحديدي الذي يشكل الحدود بين تركيا وسوريا، رغم أن معاهدة انقرة لعام
1921 بين فرنسا وتركيا تمنع قطعاً استخدام ذلك الخط لأغراض عسكرية”[26]
وفي تصوير تراجيدي مؤلم، كتب نورالدين ظاظا في
مذكراته عن تلك الحقبة المظلمة بالكلمات التالية: “في الفترة التي بدأت بتشرين
الثاني 1925، عرفتْ كردستان تركيا أحلك أيام تاريخها، لقد هدمت كردستان بالحديد
والنار، وعُذّب الرجال وقتلوا، وأحرقت القرى واتلفت المحاصيل، وخُطفت النساء
والأطفال واُغتيلوا. وقد ذبح أتراك مصطفى كمال الكردَ بوحشية وفظاظة كالتي أظهرها
أتراك السلطان في تعذيب اليونانيين والأرمن والبلغار. وأقام مصطفى كمال محاكم
عسكرية خاصة أطلق عليها محاكم (الاستقلال) فشنقت، ونفت، واعتقلت الآلاف بسرعة
كبيرة. أما النساء والأطفال الذين قاوموا الجيش التركي كثيراً فقد زُجّوا في أفنية
المنازل وأطلقت عليهم نيران الرشاشات من قبل الجنود الموجودين على سطوح المنازل.
وكان مصير المثقفين الذين تعاطفوا مع الثورة مأساوياً حيث تم تقطيع العشرات منهم
إرباً إرباً ووضعوا في أكياس ولقوا في بحيرة وان”.[27]
كان هول محاكم الاستقلال يتضخم يوماً بعد يوم،
وخلقت الأحكام الاستبدادية لهذه المحكمة الاستثنائية، وأغلبها أحكام بالإعدام نفذت
حال صدورها، جواً من الرّعب والهلع.[28]
وحسب ما ورد في تلك المذكرات كان علي صائب، رئيس
محكمة الاستقلال في ديار بكر، يتباهى في المقابلات الصحفية بأنه “زين المشانق
بجماعة المتمردين”، لم يكن كلامه مجرد ادعاء، فقد شنق 55 من زعماء الثورة بعد شهر
من اعتقالهم، ومن بينهم الشيخ سعيد، زعيم الثورة المسلحة البالغ من العمر ثمانين
عاماً.
وتورد المذكرات نفسها في الصفحة 25، هذا المشهد
قبيل إعدام كل من الدكتور فؤاد من دياربكر، والمحامي حاجي آختي من ليجة، اللذين
يجلّهما الشعب الكردي، ولا زالت ذكراهما خالدة في ذاكرة هذا الشعب. لدى مثول “آختي” أمام المشنقة خاطب بهدوء قائلاً:
-إنكم
بقتلنا تقضون على العلاقة التاريخية والعاطفية بين الكرد والأتراك. إنكم ترتكبون
خطأً عظيماً واعلموا أن الشعب الكردي لن يتأخر في الأخذ بالثأر.
ولما وضع الجلاد الحبل حول رقبته، صاح يقول:
-عاشت
كردستان!
فطعنه الجنود بحرابهم، لكن “آختي” تغلّب على
آلامه واستجمع قواه ليصيح:
-عاشت
الجمهورية الكردية المستقبلية، تسقط….
لكن قبل أن يكمل الجملة كان الجلاد قد سحب الكرسي
من تحته، وبقي “آختي” معلقاً في الفراغ.
وبقيت معه المسألة الكردية معلّقة في الفراغ
أيضاً منذ ذلك الحين حتى الآن بدون أي نوع من الحلول، رغم كل الخسائر البشرية
والمادية الباهظة التي دفعها الشعبين الكردي والتركي خلال هذه السنوات.
نتيجة لهذه الظروف القاسية التي أحلّت بالكرد في
تركيا وخاصة بالشخصيات الاعتبارية من المثقفين الكرد ومن لفّ لفّهم من سادة
المجتمع، والساخطين على سياسات كمال أتاتورك وقيم جمهوريته الجديدة، هرب الكثير
منهم إلى سوريا حيث كانت تحت الانتداب الفرنسي.
وراحت هذه الكوكبة من القادة والمثقفين من الأسر
البارزة في شمال كردستان كالبدرخانيين (جلادت وكاميران بدرخان)، وممدوح سليم،
والدكتور أحمد نافذ، والمهندس عارف عباس، وقدري جميل باشا وأكرم جميل، وحاجو آغا،
وعثمان صبري وآخرين انضموا إليهم فيما بعد هرباً من بطش أتاتورك وسياساته
الإبادية، راحت تؤسس جمعية خويبون “الاستقلال”[29]
في عام 1927 في
لبنان لتقود ثورة آگري بين الأعوام 1927-1930 بقيادة إحسان نوري باشا انطلاقاً من
سوريا الواقعة تحت الانتداب الفرنسي. “ومن أجل إخماد الثورة الكردية لجأ النظام
التركي بعد عجزه عن إحراز نتائج مرضية إلى طلب المساعدة من السوفييت وإيران، وبعد
حصوله على ضمانات من هاتين الدولتين بالمساعدة تمكن من إخماد ثورة آگري بشكل كامل
عام 1930، وتسلل عدد كبير من الثوار إلى عمق الأراضي الإيرانية”.[30]
كان لا بدّ من استخدام هذه الجملة الاعتراضية
الطويلة نسبياً للأحداث كي تبدو صورة الأوضاع واضحة فيما يخص موضوع الملاحقات
والاعتقالات بين الكرد في سوريا فيما بعد.
ومنذ هذه اللحظة، بعد أن غرقت الثورات الكردية في
كردستان تركيا في الدماء بوحشية، كان نظام الحكم في أنقرة يراقب في كل مكان أدنى
حركة يثيرها الكرد، ويتدخل في غير ما يجب، بشكل مباشر أو غير مباشر. وكان
المناضلون الذين نزحوا من تركيا بالإضافة إلى المناضلين السوريين يجازفون بحياتهم
في كل لحظة، لأنّهم كانوا معرّضين أن يخبر أحد عنهم، وتطاردهم الحكومة التركية تحت
اسم (مجرمي الحكومة المشتركة)، لقد كانوا يُطاردون ويُخطفون ويُغتالون.[31]
في حين تساهلت سلطات الانتداب الفرنسي مع
الشخصيات الكردية البارزة الهاربة من محاكم الاستقلال، أعطت الكثيرين اللجوء
السياسي مع راتب شهري، وفسحت المجال أمامهم، بل وأطلقت أيديهم للقيام بالنشاطات
السياسية والفنية والتنقل في القرى الكردية وبث النشاطات القومية بين الفلاحين، في
الوقت الذي كانت السلطات نفسها تقمع أولئك الفلاحين عند اظهار مشاعرهم القومية،
وبتعبير أحد الفلاحين مخاطباً نورالدين ظاظا: “أنتم الحضريون لا
أحد يلمسكم ولكننا نحن الفلاحون لو أظهرنا مشاعرنا القومية الكردية فإننا سنجد على
الفور مطرقة الدرك فوق رؤوسنا”.[32]
لقد تمسكت سلطات الانتداب الفرنسي بالورقة
الكردية من خلال (خويبون) بالاتحاد مع منظمة الطاشناق القومية الأرمنية في إطار
“ميثاق تحالفي بين الطرفين” كعامل ضغط على تركيا واستخدامها وفقاً لتطور مسار
العلاقات بين كل من إدارة الانتداب والحكومة التركية.[33] وخاصة فيما
يتعلق بتخطيط الحدود بين تركيا وسوريا الذي كانت ترفضه تركيا.
ومع ذلك فإنّ هذه السياسة المرنة حيال الشخصيات
الكردية لم تردع سلطات الانتداب الفرنسي من الدخول في اتفاقيات التعاون وحسن
الجوار وبروتوكولات أمنية مع تركيا ضد الكرد. وما كان بروتوكول 29 حزيران عام 1929
سوى واحدة من تلك الاتفاقيات، والموقعة بين سلطات الانتداب الفرنسي وتركيا،
والقاضي بالحيلولة دون قيام أعمال “شقاوة” على طرفي الحدود، وإبعاد القائمين
بأعمال “الشقاوة” عن
منطقة الحدود، وألا يسمح لهم أن يقيموا فيها أبداً. وكان المقصود “بأعمال الشقاوة”
هنا هم الثوار الكرد المناهضين للدولة التركية، وأكثر من ذلك، فقد تعرضت قيادات
(خويبون) إلى الاعتقالات والإبعاد والنفي والإقامة الجبرية.[34]
وفي السياق نفسه، بعد أن حسمت بريطانيا مشكلة
جنوب كردستان (ولاية الموصل) لصالحها وضمها إلى صنيعتها المملكة العراقية، حذّرت
ضابط ارتباطها في بيروت من التطرق في المستقبل إلى قضية الكرد بأي شكل من الأشكال،
وهذا ما دفعها إلى الاتصال بالمفوض السامي الفرنسي في بيروت لاتخاذ موقف صارم ضد
جمعية (خويبون)، فعهدت السلطات الفرنسية في صيف 1928 إلى إغلاق مكتب خويبون في حلب
وأمرت بتحديد نشاطهم، ونتيجة لذلك اضطر قادة خويبون الالتزام بما تعهدوا به
لفرنسا سابقاً من اقتصار عملهم ونشاطهم السياسي على كردستان تركيا فقط دون الأجزاء
الكردستانية الأخرى.
كما قررت سلطات الانتداب البريطاني في عام 1928
يدعمها في ذلك المندوب السامي الفرنسي في سوريا، إيقاف منح تأشيرة الدخول إلى
العراق لكل مواطن سوري يشتبه في اشتراكه في نشاطات الحركات الكردية-الأرمنية،
وخصوصاً بعد الزيارة التي قام بها جلادت بدرخان (رئيس خويبون) إلى بغداد في أوائل
حزيران 1928.[35]
كما اتفق الطرفان التركي والفرنسي على وضع نظام
خاص بمراقبة كامل الحدود السورية-التركية، وسمحت لتركيا بطلب منها الدخول في عمق
(50 كم) في الأراضي الكردية لأسباب أمنية، إضافة إلى أنهما توصلا إلى اتفاق
لملاحقة المواطنين على جانبي الحدود وتبادل لوائح بأسماء الأشخاص غير المرغوب
فيهم، فضلاً عن نزع سلاح العشائر الكردية وتعيين نقاط العبور الإجبارية على
الحدود، وتم مراقبة تطبيق نظام الحدود من السلطات المختصة المكوّنة من والي ماردين
على الجانب التركي، وممثلين عن دير الزور من الجانب السوري، وتجتمع هذه السلطات كل
شهرين. إلى أن تكللت هذه اللقاءات والعلاقات بالتوقيع على معاهدة الصداقة بين
فرنسا وتركيا بتاريخ 28 تموز 1938، وبموجب هذه المعاهدة، فقد تعهد الطرفان
المتعاقدان بعدم الدخول في أي تحالف سياسي أو اقتصادي أو عسكري موجه ضد أي منهما.[36]
وكملحق خاص بهذه الدراسة نستعرض في نهاية هذا
البحث بعض الوثائق الفرنسية في العشرينيات من القرن الماضي، ترجمها الأكاديمي خالد
ولي عيسى مشكوراً، ونشرها على حلقات في موقع “مركز كلكاميش للبحوث والدراسات
الكردية” بين السنوات (2008-2010). اخترنا منها ما يمكن أن تكشف عن العلاقة
الأمنية الفرنسية- التركية من جهة، وآلية الاعتقال والنفي والإبعاد والإقامة
الجبرية، فضلاً عن محاولات تركيا الحثيثة لاسترجاع الشخصيات ذات النفوذ إلى تركيا
ثانية بشتى الوسائل بعد الهروب منها خشية أن تصبح أدوات بيد الفرنسيين ضدها،
والقضاء عليهم فيما بعد بطرق مختلفة.
لم تكن تنطبق هذه الصورة على كل الكرد في المناطق
الكردية الأخرى في سوريا. إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن النضال الكردي المسلح بدأ
باكراً في المناطق الغربية من سوريا، حيث يذكر أكثر من مصدر تاريخي بأن من أطلق
الرصاصة الأولى ضد الفرنسيين كان الكردي محو إيبو شاشو في ربيع 1919 في منطقة وعرة
من سهل العمق، قبل أن يبدأ هنانو بثورته. لهذا السبب كانت حركة الرصد والاعتقال في
صفوف الكرد لا يختلف عن اعتقال بقية الوطنيين السوريين.
ولكن سرعان ما وحّدت سلطات الانتداب من سياستها
تجاه الكرد، وصارت لا تفرّق بين كردي هنا أو هناك، فبدأت تهاجم الكرد نتيجة
لوقوفهم ومساندتهم للوطنيين السوريين سنة 1937 في النضال من أجل استقلال سورية،
“فاتخذت إجراءات قسرية ضد الكرد عامة والمثقفين منهم خاصة، فتم توقيف العشرات منهم
ونفيهم إلى دمشق وتدمر، ومن بينهم عارف عباس الذي كان يسكن ديريك”.[37]
2- الاستقلال ومقدمات الاعتقال السياسي للكرد
في سوريا
بمغادرة آخر جندي فرنسي الأراضي السورية، في
السابع عشر من نيسان عام 1946، رفع شكري القوتلي رئيس الجمهورية علم
الاستقلال على دار الحكومة، وأعلن بأنه لن يرفع بعد اليوم إلا علم الوحدة العربية،
دون إعطاء أي اعتبار لحقوق الشعب الكردي الملحق بسوريا، وعدم إعطاء أي اهتمام إلى
مطالبه كشريك في مقارعة الاستعمار الفرنسي حتى نالت سوريا استقلالها.
لقد برز الفكر القومي العروبي ذي النزعة
الشوفينية بعد الاستقلال في فكر معظم التيارات والأحزاب السياسية. وسارت الحكومات المتعاقبة
بما فيها حكومات عهد الانقلابات على هذا النهج، واحتكرت السلطة والثروة بيد طبقة
من التجار والجنرالات العسكرية. وباشرت على الفور بإغلاق الجمعيات والنوادي
والمطبوعات الكردية التي كانت تصدر في ظل الانتداب الفرنسي، بموجب قرار أصدره صبري
العسلي وزير الداخلية في حكومة سعدالله الجابري التي تشكلت كأول حكومة في عهد
الاستقلال في 26 نيسان عام 1946، وكان القرار يقضي بحل جميع الأحزاب والهيئات
والمنظمات السياسية التي لم تؤسس برخصة رسمية من الحكومة. وهذا
كان إيذاناً بظهور تيارات قومية وفئات حاكمة جديدة أشرس وأعنف تجاه الكرد من سلطات
الاحتلال الفرنسي.
لقد سارت الأوضاع في ظل الانقلابات العسكرية من
سيء إلى أسوأ، لقد هدّد حسني الزعيم بتسليم قادة خويبون إلى تركيا، وراح الشيشكلي
يحظر المطبوعات الكردية رسمياً، وازدادت المضايقات على القوميين الكرد، وأساليب
التعريب بعد اتجاه الشيشكلي نحو الحكم المركزي الصارم ودعوته إلى فكرة القومية
العربية ووحدتها واعتبار سوريا قاعدة للتحرر العربي. وفي هذا السياق أصدرت السلطات
تعليماتها بمراقبة القوميين الكرد ورصد نشاطاتهم السياسية.[38]
ويذكر أحد الضباط في المخابرات السورية بهذا
الصدد: “إن الشيشكلي نفسه كان قد كلّفه بالذهاب إلى القامشلي من أجل تقوية مركز
الشعبة الثانية التي تمثل الدائرة الأمنية المكلفة بمراقبة الكرد في الجزيرة،
ويذكر الضابط أنه نجح في مهمته تلك، واستطاع الحد من نشاط القوميين الكرد”.[39]
وفي وثيقة بريطانية، تمت الإشارة إلى برقية
القنصل البريطاني في دمشق الذي كان قد زار منطقة الجزيرة سنة 1950، حيث جاء فيها:
“إنّ لدي انطباع بأن السوريين يراقبون الزعماء القوميين الكرد بشكل جدي، وبالأخص
شخص جلادت بدرخان، وخوفاً من أن تثير السياسة السورية مشاعر الكرد القومية، قامت
الحكومة البريطانية بتحذير الحكومة السورية من عواقب سياستها تجاه الكرد”.[40]
وبالرغم من هذا التحذير البريطاني فإن الدستور
الذي وضعه الشيشكلي تجاهل حقوق الكرد، وحقوق الأقليات الاثنية، وأكد أن الشعب
السوري جزء من الأمة العربية.
1- ميلاد الحركة السياسية الكردية عام 1957
والاعتقال
السياسي في سنوات الوحدة بين مصر وسوريا
كان الخطاب القومي العروبي يتصاعد يوماً بعد يوم
منذ الاستقلال، وكانت الحركات والتنظيمات والأحزاب السياسية بعد الاستقلال وعهد
الانقلابات تتمركز حول نفسها قومياً، وتنكمش وطنياً بحجج مختلفة. لقد كانت ثملى
بالشعارات الوحدوية العروبية، وكل لون آخر في النسيج السوري كان متهماً
بالإمبريالية والصهيونية وإلى ما ذلك من الأوصاف والنعوت. وقد كان هذا واضحاً في
برامج معظم التيارات والأحزاب وخاصة حزب البعث القومي وحزب الشيوعي
الكسموبوليتي في أواخر الخمسينيات. لقد خُدِع الكرد بالحزب الشيوعي المفترض
أن يكون أممياً ومدافعاً عن حق الشعوب والقوميات المضطهَدة، “ولكنه في الحقيقة،
محامٍ للقومية العربية عند العرب ومروِّج لأيديولوجية المواطنة العالمية في
الأوساط الكردية، والكردي الذي كان يُنظّم في الحزب الشيوعي السوري كان عليه أن
يقرأ منشوراته باللغة العربية وينذر الرأي العام العالمي ضد أخطار الإمبريالية
التي تهدّد العالم، ويجمع التبرعات لمساعدة الجزائر التي كانت في حالة حرب ضد
فرنسا، ويضحي بنفسه على الحدود السورية-الإسرائيلية، ولكن عليه ألاّ يطلب شيئاً من
أجل شعبه! كان عليه أن يصمت إزاء الحرمان الثقافي والإبادة العرقية اللذين كان
الكرد ضحيتهما في سوريا وتركيا والعراق وإيران”.[41]
وعند إثارة
الكردي أي نقاش حول هذه السياسة الشيوعية العدمية في الوسط الكردي، كان أول ما
يتهم به هو “التعصب القومي”.
لقد كانت الأحزاب الشيوعية في كل من إيران وتركيا
والعراق وسوريا تشترك في رؤيتها العدمية للمسألة الكردية، ولا زالت البعض منها حتى
الآن. لقد كانت تنتهج شوفينية الأغلبية في هذه البلدان وتتمسك كثيراً بوحدة
الأهداف وتعظِّمها. “كما لم يتجرأ أي حزب شيوعي في الشرق الأوسط على ذكر المسألة
الكردية علناً. وحسب رأي الشيوعيين الأتراك فإن الكرد غير موجودين أصلاً، أما
بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي، فإن الكرد الذين لم يشكلوا أمة بعد، قلّما
يتجاوزون مفهوم أقلية عرقية تافهة، أما بالنسبة لأعضاء حزب تودة، فمع أنهم يعرفون
جيداً يوجد الكرد في إيران، إلا أنهم يقولون لم يحن الوقت بعد للاهتمام بهم ولا
التحدث عنهم. وأخيراً، بالنسبة للحزب الشيوعي السوري، فقد كانت المسألة الكردية في
ذلك الوقت هي مسألة الأمة العربية. وحسب تصور زعيمه (خالد بكداش) وهو دمشقي من أصل
كردي، أنه على الكرد أن ينسوا ذاتيتهم وينخرطوا في الحزب الشيوعي ويناضلوا من أجل
وحدة وعظمة الأمة العربية”.[42]
في ظل هذا الاغتراب الوطني لم يكن أمام الكرد
خيار سوى اللجوء كبقية الأطراف إلى تأسيس حزب كردي يهدف إلى صون خصوصيتهم وهويتهم
القومية والنضال من أجل تحريرهم القومي ضمن إطار الدولة السورية. وقد تحقق ذلك
بقيام نورالدين ظاظا وكوكبة من رفاقه بإنشاء أول حزب سياسي كردي في سوريا عام 1957، وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني[43]، بعد أن تلقى التشجيع والدعم كما يقول “من طلاب
الثانويات والمدارس في دمشق ومن المحاربين القدامى، ومن الملالي والاقطاعيين
والفلاحيين البسطاء في المناطق الكردية في سوريا”.
وكان أهداف الحزب تكمن في الدفاع عن الكيان
القومي الكردي لكرد سوريا، وتأمين الحقوق الثقافية والإدارية لهم (في إطار نظام
ديمقراطي لمجموع البلاد).
سرعان ما بدأ الحزب بتنظيم نفسه والتغلغل في
الأوساط الكردية في كل المناطق في سورية دون استثناء، لقد كانت الجماهير الكردية
متعطشة لوجود تنظيم كردي يدافع عن هويته ووجوده وسط المناخ القومي العروبي العدائي. الأمر الذي أثار الهجوم عليه من كل الأطراف، وكان
الشيوعيون هم أول من قادوا الهجوم على الحزب، حتى قبل أن يتأسس، وبعد التأسيس بدأ
الأعضاء الكرد في الحزب الشيوعي يتركونه وينخرطون في الحزب الكردي الجديد. لقد
أعلن الحزب الشيوعي “حرباً شعواء ضد الحركة الكردية، ووصفها بأنها شوفينية، رجعية،
مرتبطة بالاستعمار وأنها من صنيع المخابرات وغيرها من التهم الباطلة (…) وكان الحزب الشيوعي بموقفه الهجومي ذاك، في
الحقيقة كان يدافع عن نفسه، عن تنظيمه بين الأكراد”.[44]
على العكس من هذا الموقف الهجومي البعيد عن
الموضوعية، كان ميلاد حركة سياسية قومية كردية بمثابة إنذار كبير لما توصّلت إليه
الأوضاع السياسية في سوريا من اغلاق على الذات والابتعاد عن الروح الوطنية وعدم
الانفتاح على المكونات السورية المختلفة، قبل أن يكون إطاراً سياسياً كردياً يجد
فيه الكردي نفسه ليخفّف شيئاً من وطأة الاغتراب في وطنه بعد كل التضحيات في سبيله.
وسرعان ما وجد الحزب الكردي هذا نفسه أمام آلة
الاستبداد الناصري-السرّاجي (نسبة لعبد الحميد السرّاج وزير داخلية حكومة الوحدة)
المفروضة على سوريا بعد وحدة مصر وسوريا في 1958. خاصة أن الحزب الديمقراطي
الكردستاني كان يعارض وحدة سوريا مع مصر في ظل الحدود المفروضة من قبل عبد الناصر.
لقد خلقت الوحدة استياءً عاماً وشاملاً نتيجة الأزمة الاقتصادية ناهيك عن مفاسد
السلطة الاستبدادية لعبد الحميد سرّاج المفروضة على كل السوريين.
فبدأ المصريون ومعهم حلفاءهم السوريين بالبحث عن
كبش فداء وفعلاً وجدوه في شخص الشعب الكردي، وخاصة في الحزب الديمقراطي
الكردستاني، فأطلقوا عليه حينئذٍ تسميات عديدة مثل “الخونة” و”المخربين لصالح
الدول الأجنبية” و”الانفصاليين
الذين يستهدفون استقطاع جزء من سورية لإلحاقه بدولة أجنبية” و”الشعوبيون
الذين لم يتعربوا” و”العملاء المأجورين في خدمة الدول الأجنبية للعروبة”[45].
وبعد هذا الهجوم الإعلامي الرهيب شن رجال المباحث
حملة اعتقالات كبرى وواسعة على “البارتي”[46] وبدأوا باعتقال أعضاء اللجنة
التنفيذية في حلب في الخامس[47]من آب عام1960. كان رجال المباحث سعداء جداً لأنهم وجدوا “خطير المعاشرة” الذي
هو سبب جميع شرور البلاد وبدأوا بالملاحقات، وخلال بضعة أيام أوقف أكثر من (5000)
خمسة آلاف شخص من بينهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 12-15 عاماً، من كل أنحاء سوريا،
فضربوا وعذبوا ثم أفرج عن قسم كبير منهم[48]. أما
نورالدين ظاظا مؤسس الحزب ورئيسه فاعتقل في 8 آب من الشهر نفسه.
لقد تم تحويل كل من نورالدين ظاظا، دكتوراة في
العلوم الاجتماعية والتربوية من جامعة لوزان، رئيس الحزب الديمقراطي الكردي،
وعثمان صبري، سكرتير الحزب وأحد المؤسسين الأوائل للحزب، تم تحويلهما من دمشق إلى
القضاء العسكري بحلب، حيث كان العدد الأكبر من المعتقلين للحزب المذكور هناك. حينها طلب ملازم التحقيق العسكري من ظاظا كتابة
تقرير يبين فيه أسباب تأسيس الحزب الديمقراطي الكرد في سوريا، وكان هذا هو تقريره
في اليوم الثاني من وصوله إلى حلب:
“إذا كنا قد أسسنا الحزب الديمقراطي الكردي في سورية، فهذا
يعود إلى أنه منذ 1949 لم تفعل السلطات المتعاقبة سوى أنها داست بقدمها على
الديمقراطية في سورية والغت الحقوق التي كان يتمتع بها الكرد تدريجياً. ومنذ 1955،
لجأت السلطات التي تسيطر عليها البعثية الشوفينية إلى تحطيم أشرطة الكاسيت، ذات
الموسيقى الكردية في مقاهي ومطاعم المناطق الكردية، والحكم بالسجن على الكرد الذين
عثر معهم على كتب باللغة الكردية.
إن وحدة مصر وسورية، التي لم يُتوقع منها أن تقيم
العقبات في طريق هذه السياسة الرامية إلى التخلف الثقافي، جعلت هذه السياسة أكثر
عنصرية وفاشية واستبدادية. واليوم ليس هناك ضباط كرد في الجيش ولا موظفون ذوي
مستوى عال في الإدارة، ولا معلمون ولا شرطة كردية في المناطق الكردية، لا نتجرأ
أبداً التحدث بلغتنا بحرية، فالمستقبل يبدو لنا مظلماً ويرغمنا على أن نتحد وهذا
ما دفعنا أن نؤسس الحزب الديمقراطي الكردي في سورية”[49].
وبعد التحقيقات في حلب أطلق سراح معظم المعتقلين،
“وتم الاحتفاظ بـاثنين وثلاثين سجيناً”[50].
“وبعد عدة أسابيع
من المحاكمة، (من 15 كانون الأول عام 1960 وحتى 20 شباط 1961)، طلب وكيل النيابة وعلى أساس بنود القانون الجزائي المدني
والعسكري أيضاً وبتوجيه من السلطات السياسية للبلاد، إنزال
عقوبة الإعدام بثلاثة منا وهم (عثمان صبري، رشيد حمو، نورالدين ظاظا)”[51]
.
كانت كل المرافعات بلا فائدة أمام المحاكم
العسكرية، وأحكامها السياسية الجاهزة سلفاً حتى قبل البدء بالمحاكمات، ولولا تنظيم
حملات التضامن مع السجناء الكرد والاحتجاجات الواسعة التي قام بها الكرد أمام
سفارات الجمهورية العربية المتحدة في كل من بغداد وبيروت، وتغطية الصحافة
اللبنانية ذات النزعة الديمقراطية للمحاكمات، والعرائض التي وقعتها مئات المثقفين
والأدباء والفنانين والعلماء المشهورين السويسريين وتقديمها إلى السلطات المصرية- السورية
ومطالبة الكرد في فرنسا وألمانيا والسويد وبلجيكا وإنكلترا وإيطاليا، بالإضافة إلى
أصدقائهم ومعارفهم، ممثلي الجمهورية العربية المتحدة في تلك البلدان بإطلاق سراح
السجناء الكرد، فلولا كل هذه الحملات التضامنية
الواسعة لما لجأت السلطات مضطرة إلى تخفيف العنف تجاههم، وبالتالي، تخفيف أحكام
الإعدام والسجن مدى الحياة، والسجن من (7 إلى 15) عاماً إلى عام ونصف عام، وإلى
سبعة أشهر من السجن.
وهكذا نجا المهددون بالموت من حبل المشنقة،
ونقلوا بعد ستة أشهر من سجن المزة إلى سجن دمشق المركزي والذي لم يكن سوى قلعة
قديمة بناها الكردي صلاح الدين الأيوبي للدفاع بها عن دمشق من الغزاة!
وفي ختام فصل السجن الأول لقيادة الحزب الكردي،
يكتب ظاظا في مذكراته: “وبينما كانت
إقامتنا تقترب من نهايتها، أحيل العقيد (برازي) البالغ من العمر أربعين عاماً إلى
التقاعد كبقية الضباط الكرد الآخرين، بالرغم من ارتباطه بالنظام وخضوعه لصنائع
ناصر ومواهبه الكبيرة كمدير ومربي. وكان معاونه بسيطاً وجد نفسه مكلّفاً بإدارة
إصلاحية (سجن الإصلاح) حيث كان أكثر من ثلاثة آلاف سجين يعيشون فيه سوية. وهو الذي
صدّق على أمر إطلاق سراحنا في 8 آب 1961”[52].
ما عدا رشيد حمو، الذي خرج بعد أيام قليلة من رأس
السنة الجديدة، وعثمان صبري الذي خرج في منتصف شباط 1962.[53]
3- الاعتقالات السياسية بعد الانفصال
حتى 1963
لم يمرّ الكثير من الوقت على خروج أغلبية
المعتقلين السياسيين من قيادة الحزب الديمقراطي الكردي من السجن حتى وقع الانفصال
في 28/9/1961 على يد “القيادة العربية
الثورية العليا للقوات المسلحة”، سرعان ما بادرت القوى الوطنية إلى تأييد الحركة
الانفصالية كرد فعل طبيعي على الممارسات البوليسية الإرهابية بحق السوريين كافة،
أحزاباً وشخصيات وطنية، وضد الحركة الكردية بشكل خاص من قبل المكتب الثاني برئاسة
حكمت مينة الذي كان ينشر الرعب في المناطق الكردية.
وكان من
الطبيعي أن يؤيد الكرد الحركة الانفصالية كبقية السوريين الوطنيين والتقدميين بسبب
المواقف السلبية لحكومة الوحدة ضد ملف القضية الكردية في سوريا جملة وتفصيلاً،
والممارسات الإرهابية ضد الناشطين الكرد في عموم سوريا.
لقد استغل الكرد هذه الفرصة،
وقاموا بتشكيل وفدٍ كردي كبيرٍ مؤلفٍ من 27 عضواً من كافة أنحاء سوريا لتقديم
التهنئة لرئيس الحكومة، مأمون الكزبري، وإظهار التأييد للعهد الجديد. وكان الوفد
بقيادة حسن حاجو، وضم أيضاً الدكتور نورالدين ظاظا، وقدري جميل باشا، والمحامي
محمد منان، وشاهين شاهين، وعبدالحميد درويش وآخرين. أُستقبل الوفد من قبل رئيس
الحكومة مأمون الكزبري في دمشق، وركز الوفد في لقائه على “ضرورة معاملة المواطنين
الكرد السوريين معاملة منصفة،
ومساواتهم ببقية المواطنين في البلاد، والتأكيد على ضرورة ترسيخ الحياة الديمقراطية
في البلاد، وإجراء انتخابات نزيهة في أقرب وقت”[54].
ولكن سرعان ما راح هذا الأمل أدراج الرياح، فبعد
الإعلان عن الدستور الجديد للبلاد في 15 تشرين الثاني سنة 1961 خلا مواده من أي
إشارة للكرد كثاني قومية في سوريا. وأجرى حكام الانفصال انتخابات نيابية في 1
كانون الأول من عام 1961، تميّزت بعدم النزاهة وخاصة في المناطق الكردية.
ففي الجزيرة ترشح كل من الدكتور
نورالدين ظاظا والشيخ محمد عيسى محمود لصالح قائمة البارتي، وكان هناك إقبال شديد
لم يشهد له مثيل على التصويت لصالح المرشحين رغم الحواجز، ولكن تدخلت سلطات
الانفصال وقوات البادية من (الهجانة) بشكل سافر، وزوّرت نتائج الانتخابات واعتقلت
العشرات من وكلاء المرشحين بما فيهم المرشحين أنفسهم [55].
فقد كشف الانفصاليون عن حقيقتهم بممارساتهم التي
استهدفت الشعب الكردي، حيث كان عهد الانفصال أكثر ضراوة وتحاملاً على هذا الشعب من
غيره.
وفي إطار
الممارسات الشوفينية التي اعتادت عليها السلطات، يرى عبدالحميد درويش أنه تم تدبير
مؤامرة خسيسة من قبل مسؤولي الانفصال، حيث تم اعتقال أكثر من 30 شخصاً من أعضاء
ومؤيدي البارتي في مدينة عامودا في 12 شباط عام 1962،
بعد أن ألصقت بهم تهمة ملفقة حاكها المسؤولون وهي تمزيق العلم السوري، وتعرّض
المعتقلون جرّاء ذلك للتعذيب النفسي والجسدي البشع، انتقاماً لكونهم كرداً ليس إلا .[56]
لقد لجأت سلطات الانفصال بعد اندلاع ثورة أيلول
التحررية في 11 أيلول 1961 في كردستان
العراق، بقيادة مصطفى البارزاني وتأثيرها المباشر على الوعي القومي الكردي في مجمل
أجزاء كردستان، لجأت إلى التفكير بمخططات شوفينية بعيدة المدى تستهدف الوجود
الكردي برمته، لا فقط حركته السياسية، فكان الإحصاء
الاستثنائي في الجزيرة ذات الأغلبية الكردية بغية “تعريبها” بقرار
من خالد العظم، في 5/10/1962، هو أوّل برنامج متكامل استهدف الوجود الكردي في
تاريخ سوريا الحديث والمعاصر، بغية صهره في بوتقة القومية العربية، و” لم يكن قد
مضى على تربع وزارته في الحكم أكثر من ثلاثة أسابيع حتى قامت بإجراء إحصاء عام
للسكان في محافظة الحسكة”[57].
في هذه المرحلة صارت الحكومات المتعاقبة مع
أجهزتها الأمنية تعمل بشكل منظّم ومخطّط على أعلى المستويات على خطين متوازيين،
الأول تضييق الخناق والحصار على الحركة القومية الكردية عبر الاعتقالات والملاحقات
اليومية، والثاني وضع خطط ومشاريع تستهدف الوجود الكردي ككل.
ففي شهر كانون الأول عام 1962،
وبأمر من الملازم محمد رمضان الذي كان يومذاك رئيس مخفر عامودا (المعروف عند الكرد
بجلاد عامودا) قامت السلطات بتوقيف مائتي تلميذ مدرسي في مدينة عامودا تتراوح
أعمارهم بين (12و16) سنة بتهمة الكتابة على الجدران ضد الانفصال وانزال العلم
السوري في إحدى المدارس وكتابة شعارات كردية-وتعريضهم لأشد أنواع التعذيب النفسي
والجسدي، وقام رجال الشرطة بنزع ثياب بعض الأطفال وهددوا باغتصابهم [58].
ثم تلا الإحصاء مشروع الملازم محمد
طلب هلال، رئيس الشعبة
السياسية في الجزيرة تحت عنوان “ دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي
السياسية-الاجتماعية-القومية) والذي قدمه إلى الجهات العليا في سلطة البعث بدمشق
رسمياً في 12/11/1963، وكان من أخطر المشاريع التي لا
مثيل لها في العالم كله، قوامه تجهيل وتجويع وتهجير الكرد من مناطقهم عبر شتى
الوسائل.
الملحق: (الوثائق الفرنسية
–" فقرات")
الوثيقة (1) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية
المعلومات
دمشق في 13 تشرين الأول 1926 سري نشرة المعلومات رقم 202
نشرة المعلومات رقم 202 تاريخ 13/10/1926 - القسم
الأول (إدارة المخابرات- خيرو-30/10/26).
2)- في 26 أيلول، في دوكر، رأى ضابط إدارة المخابرات
في خيرو، الدكتور أحمد صبري، وحاجو، وأمين آغا. فنصح هؤلاء الزعماء بالامتناع
حالياً عن أي اعتداء في جنوب وشمال الحدود، وذلك تحت طائلة العقاب من طرفنا. فتعهد
الزعماء الكرد بالالتزام التام بتعليماتنا. الأتراك، وهم على علم بهذا الاجتماع،
يبدون قلقين.
لقد جاء قائد
كتيبة الحدود في ماردين، طلعت بك، لزيارة ضابط إدارة المخابرات في خيرو، في 29
أيلول، وأعرب له عن قلقه. وأُجيب بشكل يطمئن.
الوثيقة (2) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق في 13 تشرين الأول 1926 سري نشرة المعلومات
رقم 202
العراق: 8- اللجنة
الكردية- الأرمنية في الموصل:
(نشرة المعلومات
رقم 202تاريخ 13/10/1926 –القسم الأول (إدارة المخابرات- حسجة- 01/10/26).
عضو اللجنة
الكردية – الأرمنية في الموصل، آريس شانيس مور، الذي كان قد تم طرده من سورية منذ
زمن قريب، قد يكون حالياً عند حاجو.
لا يحظَ نشاطه بموافقة المخابرات الانكليزية،
فهذه الأخيرة كانت قد حاولت توقيفه في سنجار، حيث كان قد لجأ إليها. وانه يعلن
صراحة بأن هدفه هو التحريض على الانتفاضة لدى العشائر الكردية في تركية وسورية.
ويشار أيضاً إلى أنه يتواجد عند حاجو شركسياً
قادماً من الموصل ويدّعي بأنه من رعايا إيران، بينما قد يكون ضابطاً عراقياً
كبيراً. وحسب مخبرين آخرين، حاجو هو في وضع يجعل منه شخصية هامة.
الوثيقة (3) الممثلية
الفرنسية لدولة سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق في 13 تشرين الأول 1926 سري نشرة
المعلومات رقم 202
35- أكراد
لاجئون إلى الإقليم السوري:
نشرة المعلومات رقم 202تاريخ 13/10/1926 - القسم
الأول (إدارة المخابرات- خيرو- 30/09/26).
في هذه الفترة
لم تتم ملاحظة أيّ اعتداء من جنوب الحدود التركية- السورية على شمالها. الزعماء
الكرد الملاحقون من قبل مفرزة موندييلي بين 18 و19 أيلول في منطقة عاموده- درباسية،
علي الأحمد، و نوري عيسى حمو، وعلي خدرو، وبراهيم أوصمان، عبروا جميعاً مع أنصارهم
إلى المنطقة التركية. فقط، واحد منهم، وهو نوري ابن عيسى حمو، قد يكون قد ترك
بعضاً من أنصاره مع قسم من أمواله في الأراضي السورية في قرية ديكه ( غير محمولة
على الخريطة، 5 كم جنوب غرب عاموده-عشائر دقورية). ويجري تحقيق في هذا الموضوع).
تم إنذار السلطات التركية (النقيب طلعت بك
والملازم رشدي) بأنه عاد إلى منطقتها أعضاء العصابات المطلوبين والملاحقين من
قبلها.
لكن لازال الأتراك يمارسون سياسة مزدوجة فيما يخص
الأكراد اللاجئين. براهيم اوصمان،
أحد الزعماء اللاجئين، تمت ملاحقته من قبل مفرزة موندييلي، عندما عبر إلى المنطقة
التركية، تم فوراً الإعفاء عنه، واقتيد إلى ماردين بكثير من التشريفات…
الوثيقة (4) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق
في 13 تشرين الأول 1926 سري نشرة المعلومات رقم 202
يتأكد، من ناحية أخرى، بأنه قد تم إرسال رسائل من
قبل والي ماردين إلى أغلب زعماء الكرد اللاجئين، ليلزمهم بالرجوع إلى تركية، وقد
أُعطي لهم الوعد بالأمان التام (العفو- المترجم).
في شرق نصيبين،
يتم البحث عن إجراءات لمواجهة تهديد حاجو، العدو اللدود للأتراك.
38- العلاقات الفرنسية- التركية على الحدود
نشرة المعلومات رقم 202 تاريخ 13/10/1926 –القسم
الأول (إدارة المخابرات-خيرو- 30/09/26).
لازالت العلاقات
ممتازة.
في 24 أيلول،
ذهب ضابط إدارة المخابرات في خيرو إلى عند الملازم رشدي بك، لكي يتباحث معه بخصوص
قضايا مختلفة، وبشكل خاص بخصوص عبور الزعماء الكرد الملاحقين من قبل مفارزنا في
منطقة عاموده- درباسيه إلى المنطقة التركية.
الوثيقة (5) الممثلية
الفرنسية لدولة سورية الشعبة السياسية
المعلومات
دمشق في 18 تشرين الأول 1926سري نشرة المعلومات رقم 204
22- دعاية
تركية:
نشرة المعلومات رقم 204 تاريخ 18/10/1926 - القسم
الأول (إدارة المخابرات-خيرو- وإدارة المخابرات- دير- 09/10/26).
الدكتور أحمد
صبري، ممثل لجان ديرسم، غادر دوكر(دوكرا، عشيرة تشيتية (الأصح الآشيتية)، كان يبدي
الرغبة في الذهاب إلى حلب. القي القبض عليه في الحسجه، و تم اقتياده الى الدير،
ومن هناك تم إبعاده إلى العراق، حيث كان قد جاء منها قبل فترة قصيرة.
الوثيقة (6) الممثلية
الفرنسية لدولة سورية الشعبة السياسية
المعلومات
دمشق في 18 تشرين الأول 1926سري نشرة
المعلومات رقم 204
25- أكراد لاجئون إلى سورية:
نشرة المعلومات رقم 204 تاريخ 18/10/1926 - القسم
الأول (إدارة المخابرات-خيرو- 08/10/26).
بغية التأثير
على الأكراد اللاجئين في الأراضي السورية، لا يكتفي الأتراك بأن يرسلوا إلى هؤلاء
الرسائل و المبعوثين وتقديم الوعود لهم. إنهم (الأتراك- المترجم) ينشرون في كل مكان
خبراً يقول بأن الفرنسيين مجبرون، بموجب الاتفاقية الأخيرة، بتوقيف كل الأفراد
المطلوبين من قبل تركية وبتسليمهم إياها. ونشر هذا الخبر بكفاءة، ليس بدون أثر حاد
على من يهمه الأمر بشكل خاص. اللاجئون الكرد يظهرون قلقهم الشديد من هذا الأمر.
حاجو بالذات، جاء ليقدم نفسه إلى ضابط إدارة المخابرات في القامشليه وعبّر عن
مخاوفه في هذا الموضوع، وعمل نفس الشيء أمين آغا من الرمّان.
الوثيقة
(7) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق
في 20 تشرين الأول 1926 سري نشرة المعلومات رقم 205
رابعاً: منطقة الفرات:
24-
دعاية كردية:
نشرة المعلومات
رقم 205 تاريخ 20/10/1926 –القسم الأول (إدارة المخابرات-الدير)
الدكتور أحمد
صبري، رئيس اللجنة الكردية-الأرمنية، الموقوف في الحسجة في السادس (من تشرين الأول
1926-المترجم)، اقتيد إلى دير الزور، وتم إبعاده إلى العراق في 12 تشرين الأول.
27- لقاء مع صبري بك: نشرة المعلومات رقم 205
تاريخ 20/10/1926 –القسم الأول (إدارة المخابرات-الرقة 12/10/26)
القائد العسكري
في تل أبيض، والقائم مقام ، وضابط إدارة المخابرات في الرقة، زاروا صبري بك في 7
تشرين الأول 1926. كان اللقاء ودياً. لم يبد الطرفان أية مطالبات.
الوثيقة
(8) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية المعلومات دمشق في 25 تشرين الأول 1926 سري
وارد
إلى هيئة أركان قياد الجيش بتاريخ: 28/10/1926 رقم: 39074 نشرة المعلومات رقم 207
4- الإعفاء عن لاجئين كرد
نشرة المعلومات رقم 207 تاريخ 25/10/1926 - القسم
الأول (إدارة المخابرات- حسجه- 15/10/26)
يتأكد أيضاً بأن آغاوات الأكراد المعفى عنهم،
يتجولون بحرية في أحياء ماردين، وهم يرتدون الزي القومي وبدون قبعة. يعتقد بأن
الحكومة التركية قد اتخذت هذه الإجراءات لكي تجذب إليها الأكراد اللاجئين إلى
الأرض السورية، لأنها (الحكومة التركية- المترجم) قد تخشى من أن يستخدم الفرنسيون
هؤلاء المهاجرين ضدهم يوماً ما، فيما إذا استمرت حالة الاعتراضات والاضطرابات على
الحدود.
ولكن يعتقد
الكثير من الناس بان تلك الإجراءات ما هي إلا مصيدة منصوبة أمام زعماء الكرد الذين
قد قرر الأتراك تصفيتهم بشكل لا رجعة فيه.
الوثيقة
(9) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق
في 25 تشرين الأول 1926 سري وارد إلى هيئة أركان قياد الجيش بتاريخ: 28/10/1926
رقم:
39074 نشرة المعلومات رقم 207
26- دعاية لدى اللاجئين:
نشرة المعلومات رقم 207 تاريخ 25/10/1926 –القسم
الأول (إدارة المخابرات- حسجه - 15/10/26)
أرسلت السلطات
التركية مبعوثين إلى الأكراد اللاجئين إلى الأرض السورية لتخبرهم بأنه تم العفو
عنهم، وبأنهم يستطيعون من الآن فصاعداً العيش في تركية بكل أمان.
الوثيقة (10) الممثلية
الفرنسية لدولة سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق
في 6 تشرين الثاني 1926 سري نشرة المعلومات رقم 212
3-
أكراد لاجئون في الأرض السورية:
نشرة
المعلومات-سورية رقم 212 تاريخ 6/11/1926 - القسم الأول (إدارة المخابرات- خيرو 28//10/
26).
عندما عُرفت
عمليات التوقيف التي قام بها الأتراك، تباطأت فجأةً وتيرة التقارب بين الأتراك و
الأكراد اللاجئين الذين عبروا إلى شمال الحدود.
العروض المقدمة من قبل الحكومة التركية لم تعد
تُعتبر إلا كحيلة، ومن جديد يشعر المرء بسعادة كبيرة عندما يحس بأنه محمي بالحدود
السورية. و يتخذ الكره تجاه الترك كل حدته.
في غرب جغجغ، لا
يزال تجمع اللاجئين الكرد في مكانه، ولا زال محتفظاً بهدوئه.
الوثيقة
(11) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق
في 12 تشرين الثاني 1926سري وارد إلى قيادة قوات منطقة دمشق
هيئة
الأركان تاريخ: 14/11/1926 رقم:42292 نشرة المعلومات رقم 214
تركية: تتخذ الانتفاضة الكردية
امتداداً جديداً في منطقة وان. ومن جهة أخرى يقال إن 25000 عسكرياً قد تمركزوا في
هذه الولاية بغية عملية قمع قريبة.
يبدو أن عملية
القمع لم تحقق أيّ تقدم في ديرسيم. ويقال بأن طائرة مقاتلة تركية قد أسقطت من قبل
الأكراد.
العلاقات مع
السلطات التركية على الحدود لا تزال ودية. لكن تستمر الصحافة في أضنه وفي
قسطنطينوبل ( قسطنطينية) في نشر المقالات المناوئة لفرنسه.
آ) – أولاً-
المعلومات السياسية الخارجية:
تركية:
1- آ/
س حول الحركة الكردية:
(نشرة المعلومات-
سورية رقم 214 تاريخ 12/11/1926 –القسم الأول (إدارة المخابرات- جرابلس)
آ)- ذهب قائد
جاندارمة أورفه إلى سروج، حيث كان قد دُعي إلى هناك كل الزعماء الأكراد إلى
اجتماع. أثناء هذا الاجتماع، يقال أنه أبلغهم بكل الإجراءات التي حضّرتها الحكومة
ضد كل من يأوي أكراداً قادمين من الولايات الشرقية. وتم أيضاً إلزام جميع زعماء
العشائر بإبلاغ الحكومة فوراً عن كل الأفراد الذين منذ بداية الانتفاضة قدموا
مأوىً للاجئين أكراد. و ما أن تُعرف أسماءهم، سيُطردون فوراً وسيعلن بيع أموالهم
في المزاد العام.
(المصدر:
أحد سكان سروج)
ب)- حسب نفس
المخبر، يشكل الأتراك مخافراً على بعد ثلاثة كيلومترات من سكة الحديد بين عرب- بينار
و نصيبين، وذلك لمنع أي هجوم محتمل من قبل أكراد سورية أثناء عمليات القمع.
الوثيقة (12)الممثلية
الفرنسية لدولة سورية الشعبة السياسية المعلومات دمشق في 21 تشرين الثاني 1926 سري
وارد إلى قيادة قوات منطقة دمشق هيئة الأركان تاريخ: 23/تشرين الثاني/1926 رقم:42449
نشرة المعلومات رقم 217
8- المواقف المتخذة من قبل الأتراك تجاه الكرد
نشرة المعلومات- سورية رقم 217 تاريخ 21/تشرين
الثاني/1926 - القسم الأول (إدارة المخابرات - حسجه 6 تشرين الثاني 1926)
يتأكد تغيير في الأسلوب المتبع من قبل الأكراد؟
(4)
لقد تم توقيف أغلبية زعماء الأكراد الذين كانوا
قد لجأوا إلى المنطقة السورية، وكانوا قد عادوا من جديد إلى المنطقة التركية، وتم
قتل بعضهم بالسلاح، مثل أبناء قادرو، الذين كانوا سابقاً قد لجأوا إلى منطقة
عاموده.
ملاحظة من المترجم
4-
يبدو أن محرر النشرة قد أخطأ، فذكر “الأكراد” بدلاً من ” الأتراك”. ويتضح ذلك
جلياً من عنوان الفقرة ومضمونها، ومما ورد في النشرات السابقة وما سيرد في النشرات
اللاحقة. إذ أعطت السلطات التركية العهود والوعود بالأمان للأكراد الملاحقين،
فانخدع عدد من زعماء الكرد بهذه الوعود، ولكن السلطات التركية غدرت بهم وقتلتهم أو
اعتقلتهم عندما تمكنت من القبض عليهم.
الوثيقة (13) الممثلية الفرنسية لدولة سورية الشعبة
السياسية المعلومات
دمشق
في 21 تشرين الثاني 1926 سري وارد إلى قيادة قوات منطقة دمشق
هيئة
الأركان تاريخ: 23/تشرين الثاني/1926 رقم:42449
نشرة
المعلومات رقم 217 تركية:
8- المواقف المتخذة من قبل الأتراك تجاه الكرد:
نشرة
المعلومات-سورية رقم 217 تاريخ 21/تشرين الثاني/1926 –القسم الأول (إدارة
المخابرات – حسجه 6 تشرين الثاني 1926)
(…)
و آخرون، مثل
نوري بن عيسى حمو، و يوسف أوصمان، وشيخوش (ربما شيخموس-المترجم) الأحمد، تم
توقيفهم في ماردين، وتم اقتيادهم إلى دياربكر، وسيقدمون إلى محكمة الاستقلال.
علي الأحمد،
زعيم الأومريين، كان ملاحقاً، ويسعى للعودة إلى الأرض السورية، و عمل على المباشرة
في الإجراءات لدى ضابط إدارة مخابرات خيرو بغية الحصول على العفو عن أخطائه وسلوكه
تجاهنا، وبغية قبوله في جنوب الحدود. تم رفض قبول طلبات هؤلاء الأتراك.
الوثيقة
(14) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية
المعلومات
دمشق في 21 تشرين الثاني 1926 سري وارد إلى قيادة قوات منطقة دمشق
هيئة
الأركان تاريخ: 23/تشرين الثاني/1926 رقم:42449 نشرة المعلومات رقم 217
نشرة المعلومات-سورية رقم 217 تاريخ 21/تشرين
الثاني/1926 - القسم الأول (إدارة
المخابرات – حسجه 6 تشرين الثاني 1926)
10- أكراد لاجئون في الأراضي السورية:
تتم الملاحظة في جهات مختلفة على استمرار ممارسة
الدعاية التركية على المجموعات الكردية اللاجئة إلى الأراضي السورية، بل وحتى على
العشائر الكردية السورية.
في الأيام
الأخيرة من تشرين الأول، تمت مشاهدة مبعوثين أتراك عند العديد من الزعماء الكرد
اللاجئين في منطقة عاموده.
هؤلاء المبعوثون
مكلفون بإبلاغ اللاجئين بأنه فيما إذا عادوا إلى تركية، سيمنحون العفو، و بأنهم
سيتمتعون خلال أربعة سنوات بإعفاءات ضريبية مختلفة.
ضباط وعناصر من
الجندرمة التركية متنكرين بزي البدو يتجولون بين العشائر الكردية في قضاء جرابلس،
بهدف ، كما يقال، ملاحظة فيما إذا تُمارس هناك دعاية مضادة للأتراك.
الوثيقة (15) الممثلية
الفرنسية لدولة سورية الشعبة السياسية المعلومات دمشق في 8 كانون الأول 1926 سري وارد
إلى قيادة قوات منطقة دمشق هيئة الأركان تاريخ: 9/كانون الأول/1926رقم:44630 نشرة
المعلومات رقم 227
2- إجراءات متخذة من قبل الأتراك:
نشرة المعلومات-سورية رقم 227 تاريخ 8/كانون
الأول/1926 القسم الأول (إدارة المخابرات-خيرو 25/تشرين الثاني 1926)
و من طرف آخر، زعيم الأومريان، عبد الله سليمان،
المكلف بنفس الشروط، بالأمن في جنوب-شرقي ماردين، تم توقيفه منذ فترة قصيرة، وتم
اعتقاله. يُعتقد بأن سبب
هذا الاعتقال هو رفض أخيه أحمد سليمان بشكل قاطع لعروض العملاء الأتراك.
الوثيقة (16) الممثلية الفرنسية لدولة
سورية الشعبة السياسية المعلومات
دمشق
في 17 كانون الأول 1926 سري وارد إلى قيادة قوات منطقة دمشق هيئة الأركان
تاريخ:
20/كانون الأول/1926 رقم:45994 نشرة المعلومات رقم229
2- تصرفات تركية تجاه اللاجئين الكرد:
نشرة المعلومات-سورية رقم 229 تاريخ 17/كانون
الأول/1926 - القسم الأول (إدارة
المخابرات- حسجه 2 كانون الأول 1926)
يستمر الأتراك
في محاولة جذب الزعماء الكرد اللاجئين إلى سورية (…).
في الواقع، تم
اقتياد عشرة عائلات من ديريك إلى دياربكر. و كان قد تم سابقاً نفي رؤساء هذه
العائلات إلى سميرن.
(مخبر من ماردين)
قائمة المراجع
- وِل
وايريل ديورانت: قصة الحضارة (7) الجزء الثاني، المجلد الثاني، ترجمة محمد بدران،
مطبعة دار الجيل بيروت، لبنان 1953م.
- وِل وايريل ديورانت: قصة الحضارة (10) الجزء
الثاني، المجلد الثالث، ترجمة: محمد بدران، مطبعة دار الجيل بيروت، لبنان 1988م.
- ميشيل
فوكو: المراقبة والمعاقبة ولادة السجن”، ترجمة د. علي مقلد، مراجعة وتقديم مطاع
الصفدي، مركز الإنماء القومي بيروت 1999م.
- مهدي
عامل: مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني، ط7، دار
الفارابي، بيروت، لبنان.
- عامر
شماخ: الإخوان المسلمون…من نحن؟ وماذا نريد؟ – القاهرة في 6 من مارس 2011م.
- د.
إسماعيل محمد حصاف: تأريخ كردستان سوريا المعاصر، ج1، ج2، ج3، ط1، أربيل 2017م.
- نورالدين
ظاظا: حياتي الكردية أو صرخة الشعب الكردي، ترجمة: روني محمد دُمِلّي، دار آراس،
ط1، أربيل 2001م.
- روهات
آلاكوم: خويبون وثورة آگري، مراجعة: شكور مصطفى، ط1، (رابطة كاوا للثقافة الكردية،
2001م).
- ـ
نواف محمد مراد: موقف الحزب الشيوعي السوري من القضية الكردية في سوريا
1924-1963م، دراسة تاريخية سياسية، الأكاديمية الكردية، أربيل 2013م
ـ أيوب بارزاني: المقاومة الكردية للاحتلال
1914-1958، سويسرا، 2002م
ـ محمد أحمد ملا: صفحات من تاريخ حركة التحرر
الوطني الكردي في سوريا، ج1، ج2.
ــ عبد الحميد درويش: أضواء على الحركة الكردية في
سوريا، أيار 2000م.
ـ محمد جمال باروت: التكوّن التاريخي الحديث
للجزيرة السورية، أسئلة واشكاليات التحول من البدْونة إلى العمران الحضاري، المركز
العربي للأبحاث ودراسة والسياسات، ط1، تشرين الثاني/نوفمبر 2013م.
ــ صلاح بدرالدين: الحركة القومية الكردية في
سوريا، رؤية نقدية من الداخل، ط1، أربيل 2003م.
- محمد
جزاع: المناضل حمزة نويران (صفحات من الذاكرة) منشورات مؤسسة مارغريت (د.ت).
ـ جواد ملا: كردستان والكرد وطن مقسم وأمة بلا
دولة، تقديم د. جمال نبز، ط2، منشورات المؤتمر الوطني الكردستاني، لندن 2000م.
ــ علي صالح ميراني: الحركة القومية الكردية في
كردستان سوريا، أربيل 2004م
ـ جكرخوين: سيرة حياتي، دار بافت للطباعة والنشر.
[1] – السلطة السياسية بين بين الماضي والحاضر، د.
طارق علي الصالح، موقع إيلاف 23 يونيو 2011.
[2]
- المصدر السابق.
[3]
- المصدر سابق.
[4]
- ول
ديورانت، قصة الحضارة-المجلد الثاني، ترجمة محمد بدران شهر مارس من عام 1953، ص
529
[5]
- ول
ديورانت، قصة الحضارة-المجلد الثاني، ص 265
[6]- وِل ديورانت، قصة
الحضارة (7) الجزء الثاني من المجلد الثاني، (ترجمة: محمد
بدران، مطبعة الجيل بيروت- لبنان، ديسمبر 1953)، ص 35.
[7]- قصة الحضارة الجزء الثاني
المجلد الثاني، مصدر سابق، ص33.
[8] - قصة الحضارة (10) الجزء
الثاني، المجلد الثالث، ترجمة: محمد بدران، مطبعة دار الجيل بيروت، لبنان 1988 ، ص
383.
[9]
- المصدر السابق، قصة الحضارة (10)، ص 384.
[10] – ورد
ذكر السجن تسع مرات في سورة يوسف في الآيات: (25، 32، 33، 35، 36، 39، 41، 42، 100 ومرة
واحدة في سورة الشعراء في الآية -29)، http://arabnyheter.info/ar/archives/54715
[11] - انظر إلى مقدمة كتاب “المراقبة والمعاقبة ولادة
السجن”، ميشيل فوكو، مركز الإنماء القومي بيروت 1999- ترجمة د. علي مقلد، مراجعة
وتقديم مطاع الصفدي.
[12] - ميشيل فوكو، “المراقبة
والمعاقبة ولادة السجن”، ص235.
[13]- ميشيل فوكو، “المراقبة
والمعاقبة ولادة السجن”، ص 235
[14]- ميشيل فوكو، “المراقبة
والمعاقبة ولادة السجن”، ص 238
[15] - ميشيل فوكو، “المراقبة
والمعاقبة ولادة السجن”، ص 57
[16] - مهدي عامل، مقدمات نظرية
لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني، ط7، دار الفارابي، بيروت،
لبنان. (الصفحات 51-61).
[17]
-
الاعتقال السياسي: مدخل نظري/ اللجنة السورية لحقوق الإنسان 31 تشرين الأول 2006.
[18]
-
الاعتقال السياسي: أفكار ومواقف لتطوير النقاش، (الموقع: Gethows.com)
[19] -
الاعتقال السياسي: أفكار ومواقف…، المصدر السابق.
[20] - للمزيد راجع المصدر السابق
[21]
- عامر
شماخ: الإخوان المسلمون…من نحن؟ وماذا نريد؟ – القاهرة في 6 من مارس 2011م، ص33.
[22] - المصدر السابق، الإخوان
المسلمون…من نحن؟ وماذا نريد؟ ص15-16.
[23] - حوار شامل مع الباحث والمناضل السوري ياسين الحاج صالح –جريدة
النهار 15 آب 2014-أجرى اللقاء عبدالله أمين الحلاق.
[24]
- د.
إسماعيل محمد حصاف، تأريخ كردستان سوريا المعاصر ج2، ط1، أربيل 2017، ص 12.
[25] - وزارة الخارجية الأمريكية،
دراسة الحدود، العدد 163، اصدار 6 آذار 1978، الحدود بين سوريا وتركيا، ترجمة: عمر
رسول نشر في موقع مدارات كرد
medaratkurd.com بتاريخ
6/1/2015.
[26]
-
نورالدين ظاظا: حياتي الكردية أو صرخة الشعب الكردي، ترجمة: روني محمد دُمِلّي،
ط1، أربيل 2001، دار آراس ص 22.
[27]
-
المصدر السابق، حياتي الكردية… ص 22-23.
[28]
-
المصدر ذاته ص 23.
[29]- تأسست جمعية خويبون
(الاستقلال) في بحمدون، لبنان في 1927 وحلت نفسها في 1946.
[30]
-
روهات آلاكوم: خويبون وثورة آگري، رابطة كاوا للثقافة الكردية، ط1، 2001، مراجعة:
شكور مصطفى، ص 82.
[31] - نورالدين ظاظا: حياتي الكردية أو صرخة الشعب الكردي، ترجمة: روني
محمد دُمِلّي، ط1، أربيل 2001 منشورات دار آراس ص 69.
[32]- نورالدين ظاظا: حياتي
الكردية…ص 67
[33]- د. إسماعيل محمد حصاف:
تأريخ كردستان سوريا المعاصر، ج1، ط1، أربيل 2017، ص297.
[34] - تأريخ كردستان سوريا
المعاصر…، ج1، ص298.
[35]
-
المصدر السابق، تأريخ كردستان سوريا المعاصر، ج1، ص 297-298.
[36]
-
المصدر السابق، تأريخ كردستان سوريا المعاصر، ج1، ص 299-300.
[37]- نورالدين ظاظا: حياتي
الكردية…، ص 63.
[38]
-
إسماعيل محمد حصاف: تأريخ كردستان سوريا المعاصر،…. ج2، ص41.
[39] - نواف محمد مراد: موقف الحزب الشيوعي السوري من
القضية الكردية في سوريا 1924-1963، دراسة تاريخية سياسية-الأكاديمية الكردية،
أربيل 2013، ص93-94.
[40] - أيوب بارزاني: المقاومة الكردية للاحتلال 1914-1958، سويسرا،
2002- ص334
[41]
-
نورالدين ظاظا: حياتي الكردية….، ص108
[42] - نورالدين ظاظا: حياتي
الكردية…، ص102.
[43]- إنّ اسم الحزب المؤسس ذاك
العام في كتاب محمد ملا أحمد: “صفحات من تاريخ التحرر الوطني الكردي في سوريا”، هو
الحزب الديمقراطي الكردستاني، أسوة بالحزب الديمقراطي الكردستاني في كل من كردستان
إيران وكردستان العراق، ولكن في مذكرات نورالدين ظاظا الاسم هو الحزب الديمقراطي
الكردي، ويرجح أن التسمية الأولى هي الأصح، وفيما بعد أخذ الحزب المذكور تسمية
الكردي بدلاً من الكردستاني عندما عدّل من أهدافه من تحرير وتوحيد كردستان إلى
الحقوق السياسية والثقافية والإدارية.
[44] - محمد أحمد ملا، صفحات من تاريخ حركة التحرر
الوطني الكردي في سوريا، ج1، ص 53.
[45]
-
نورالدين ظاظا، حياتي الكردية…، ص109
[46] - اختصار لاسم الحزب
الديمقراطي الكردستاني في سوريا.
[47] - في كتاب محمد
أحمد ملا، صفحات من تاريخ حركة التحرر الوطني…، تاريخ الاعتقالات هو 12 آب، وليس 5
آب.
[48]-
نورالدين ظاظا، حياتي الكردية…، ص109
[49]
-
نورالدين ظاظا، حياتي الكردية…، ص115-116.
[50] – المصدر السابق، ص126.
[51]
-
المصدر ذاته، ص 127.
[52] - نور
الدين ظاظا، حياتي الكردية، ص 137.
[53]
- محمد
أحمد ملا، صفحات من تاريخ حركة التحرر…،ج2، ص8.
[54] - د.
إسماعيل محمد حصاف، تأريخ كردستان سوريا…، ج2، ص 270.
[55] - عبد الحميد
درويش، أضواء على الحركة الكردية في سوريا، أيار 2000، ص59.
[56] - عبدالحميد درويش، أضواء على الحركة الكردية….،
ص60.
[57] - محمد
جمال باروت، التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية، أسئلة واشكاليات التحول من
البدْونة إلى العمران الحضاري، المركز العربي للأبحاث ودراسة والسياسات، ط1، تشرين
الثاني/نوفمبر 2013، ص 721.
[58]-
د. إسماعيل محمد حصاف، تأريخ كردستان…، ج2، ص203.
ليست هناك تعليقات: