الكاتبة شمس عنتر-قصة قصيرة بعنوان -اكتشاف في نهاية المطاف.
Pênûsa Azad-Hijmara12an
سارعت إيمان إلى التقاط الورقة الملفوفة التي سقطت من بين ثنيات اللحاف ذي
الوجه الأزرق اللماع كالعصفور الجائع حين يلتقط
حبة قمح دسمة ، ثم دست اللفافة الصغيرة في
صدرها بينما رأسها يتلفت ذات اليمين و ذات اليسار ، وباشرها
وخز في الرأس من تلك اللحظة، لكنها تابعت العمل ،فهي تنظف كل بيت مقابل مبلغ عشرة آلاف ليرة سورية ، كانت تتحرك كالفرس، السنون
لم تنل من رشاقتها، وحدها خطوط الوجع حول عينيها تفضح العقد الأربع من عمرها . آخر مرة زودها زوجها بحزمة من الأوراق النقدية
كانت قبل أكثر من عشرة أعوام وكانت تلك آخر مرة تلمس يديه، فالتراب غيبه
، وذلك كان انهيارها الأول ولن تعود الشخص الذي كانت عليه أبدًا، تحتضن طفليها في مهب
الأوجاع والعوز.
مع حركة أصابعها التي حشرت اللفافة بين جلدها وحمالة الصدر العتيقة، تسربت الوساوس إلى صدرها وتضاربت الأفكار المتحالفة مع أشعة الشمس ، التي لم ترحم ذلك الرأس الذي تصاعد منه بخار الحيرة والحرارة .
ترى كم ليرة سورية تعادل هذه المئة دولار ؟
ثم تكتم صراخها على نفسها، وكأن
الأسواط تنزل على روحها.
أنت حرامية يا إيمان يجب أن تعيدي الورقة لأصحابها . كانت تخاطب نفسها حين همت بالنهوض الذي أصبح بالنسبة لها مرهق جداً مع تعلق طفل
بكل كتف لها منذ أكثر من عشر سنوات.
مستمرة في العمل وكأن حركة يديها تحاولان
صد الضجة الصادرة من رأسها متأكدة هي بأنها لن تتخلص من التقريع والتبكيت ،لكن
التفكير بما يمكن أن تأمن لها المئة دولار يهدئها.
لاحظت صاحبة البيت أن إيمان مرتبكة، حاولت أن تستفسر، لكن التجاهل كان أهون عليها من
النظر في عين صاحبة البيت ، كأن دماغها يتقلص
ومن ثم يتضخم ، ضربت جبهتها وكأنها متهمة ماثلة
في المحكمة، شفتاها تتحركان دون صوت.
آه كم أنا دنيئة و منحطة .أستحق أن اضرب بالشحاطة.
كانت الهموم تتساقط من روحها مثل حبات العرق التي تحيدها
من كمّ ثوبها المهترئ.
تنفست بعمق وقررت أن تخبر صاحبة البيت،
لكن خانتها
الخطى تراجعت للخلف ، لا لن
أخبرها.
في كل مرة تتقهقر للخلف بعد
أن تتقدم خطوة واحدة تعود خطوتين ، الوسواس
تمكن منها في النهاية ثم هدّأت نفسها في منطقة آمنة بين التأنيب والمسامحة
فاستعجلت العودة إلى بيتها.
كم من الأهوال كشفتها هذه الورقة ! ومن
سخرية الأقدار أن تكتشف أيمان أنها ضعيفة وضئيلة
ولا ذات لها حين سقطت في فجوة الخيبة والانكسار التي لن تردم ابداً، و
صفعتها المفاجأة على روحها وهي تفك اللفافة ، فاذا بها خمسون ليرة سورية وليست مئة دولار
كما تهيئ لها.
ليست هناك تعليقات: