دور المرأة الكردية
عبد الغني حسين باڤي هوزان
(1)
تشكّل المرأة الكردية النصف الآخر من مجتمعنا وتتميز
بصفات إيجابية عديدة أبرزها الذكاء والأخلاق والإخلاص لبيتها وزوجها وعائلتها.
إذ تشارك الرجل دفاعاً عن وطنها لقد ساهمت المرأة
الكردية في بناء ونشاط تلك الفرق الموسيقية والفنية تحت وطأة الأهل والمجتمع
وبعضهن أصبحن ضحية نشاطاتهنَّ الفنية والثقافية والفلكلورية لتتناسب مركزها
النسائي في مجتمع متخلف وتم تهميش دورها في مجالات شتى رغم تفوقها في بعض المجالات
إلا أنها لاتزال تعيش متقوقعة على نفسها لقد شاركت المرأة الكردية في هذا الجزء من
كردستان بمسيرة 1986 في دمشق وأبدعت في موقعها مثل الرجل والتاريخ يشهد.
إنّ مساهمة سيهام ديريك وأم روجين وشهناز وپروين قمن
بدورهنَّ على أكمل وجه إلى النصر الحتمي آزرنَ الشعب الكردي متصديات لرصاص النظام
وآلته القاتلة وحجارة أطفال الكرد انتصرت رغم كل الغطرسة والاستبداد.
إن علاقات الرجل بالمرأة يذكر بعدم فهم وإعطاء القيمة
الحقيقية لمعنى الحياة المشتركة للرجل والمرأة.
فالمرأة بقيت أسيرة دموعها دموع الحرمان في المجتمع
ودموع الكبت والعجز في مجتمع تسوده علاقات اجتماعية متخلفة ثم إضفاء العبودية
الشرعية على عبوديتها وكونها بشر من الدرجة الثانية ينبغي على المرأة أن تنظّم
صفوفها وتتمرّد على كل قرار يمس كرامتها أو الحد من حريتها السياسية والاجتماعية
والاقتصادية وكما قال أحد العظماء: إنّ عدم التضامن
بين النساء يتم إبعادهنَّ أكثر عن طبيعتهن فبدلاً أن تناضل من أجل بعضهن فإنهنّ
يدخلنَ في صراع فيما بينهنَّ ممّا تسبب في ترسيخ وتقزم أعمالهنَّ.
إن تخلف المجتمع
الكردي في مجمع المجالات وتحكم المفاهيم الدينية والعشائرية والريفية جعلهن بعيدات
عن الثقافة والسياسة والتنظيم وكل نشاط ثقافي.
والواقع إنَّ وضع المرأة الكردية ينبغي أن يتغير وهي ذات
كفاءة ومكانة مميزة وتسير بخطوات نحو الحرية والحياة الكريمة. إذ يحتفل العالم
بالثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي هذا اليوم بحدّ ذاته تعظيم لها,
يوم اعتراف بمكانة المرأة في عملية التحرر والتطور التي تصنعها الشعوب فإنه يوم
الإعلان عن مكانة المرأة التي عايشت هذه التغييرات والأحداث وجهاً لوجه وترسّخت
مكانتها وعظمتها أكثر فأكثر بعد كسر عبودية الإمبراطورية الإسلامية والحكومات
الدكتاتورية التي كانت سائدة وذهبت المرأة ضحية تلك الأفكار الرجعية والمتخلفة
السائدة والسلطوية وهي لم تتمكن من تكوين كينونتها وشخصيتها اتجاه الواقع المتردي
والمخزي والحطّ من كرامتها وعزتها فالمرأة الكردية
التي تمثل محور موضوعنا رغم معاناتها ناضلت دون تردد أو حساب كانت أماً وأختاً
وزوجة وابنة ولكن التاريخ تجاهل عظمتها فهي مازالت تعيش ظروف القهر والاستغلال
والاضطهاد القومي والعائلي والديني على أيدي الأنظمة والقوى الرجعية المستغلة
والرجولة المزيفة.
إن هذا اليوم يوم لدعم نضال المرأة المناضلة في سبيل
التخلص من القوانين البالية المتخلفة والتي تسير عليها الأنظمة الاستبدادية وتكبل
بها نصف المجتمع بل أكثر من نصف المجتمع.
إن يوم المرأة العالمي يحمل كل هذه المعاني فإنه يشكل
نقطة انطلاق أمام المرأة الكردية في العالم لتعميق أسس نضالها وترسيخ موضع أقدامها
في صفوف القوى المناضلة تلك المكانة التي انتزعتها خلال نضالها عبر التاريخ وتأتي
هنا مسؤولية النساء الكرديات
وتحديداً المتنورات منهنَّ ليتحملن مسؤولية مضاعفة في
ظروف كالتي تواجه المرأة في العالم ويأتي في طليعة هذه المسؤوليات النضال
الإيديولوجي حيث تسود الأفكار الخاطئة والمشوَّهة والتي ترزح تحتها المرأة الكردية
يقولون: إن المرأة نصف المجتمع ولكن المرأة أكثر من نصف المجتمع لأن لها دور كبير
في تكوين النصف الآخر وهو الرجل المزيَّف والذي دام استبداده طويلاً.
فمسؤولية النساء بالأخص المتفوقات المتقدمات في النضال أن يناضلن لتحويل نصف المجتمع إلى قوى اجتماعية دافعة مؤثرة في عملية إعادة بناء المجتمعات على أسس اجتماعية عادلة ولعب دورها في النصف الآخر وتحويل استبداديته والتي امتلكت العواطف في قلبها اتجاه هذا الاستبداد, وانطلاقاً من هذا الدور الهام للمرأة الكردية في ساحة النضال التحرري المطلوب منها أن تمثله في الثورة الاجتماعية والقومية والإيديولوجية من أهمية في التوضيح طبيعة الاستغلال والاضطهاد الذي تواجه المرأة الكردية.
(2)
نقدّم في هذا الكرّاس الذي يتضمن نصوصاً لآراء حول واقع
ومكانة المرأة الكردية في هذا البلد فهو جانب أساس في نضال المرأة وسلاح فعّال
لابدّ من امتلاك المرأة له ليساعدها على استكشاف عقبات الطريق الصعب الذي يستوجب
عليها قطعه لتحقيق أهدافها في التحرر الاجتماعي والقومي والوطني وكما قال الله
سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن المرأة: ((ولا تتمنَّوا ما فضلّ اللهُ به بعضكم
على بعضٍ للرجال نصيبٌ ممّا اكتسبوا وللنّساء نصيبٌ ممّا اكتسبنَ واسألوا اللهَ من
فضله إنَّ الله كان بكل شيء عليماً )).( الآية 32 سورة النساء).
وقد تجاوزت هذه الحقوق بعض المفاهيم الحديثة كالمذهب الماركسي الذي قاس حرية الفرد كمقياس المادية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية, فالمرأة محرومة من حقوقها طالما أنها خاضعة في ظروفها الاقتصادية إلى البيت وإلى الرأسمالية.
(3)
وقد ذكرت حقوقها ميثاق الأمم في (سان فرانسيسكو) عام
1945م على المساواة بين الرجل والمرأة ثم انبعث عن المؤتمر لجنة فرعية لحقوق
الإنسان فمنذ فجر التاريخ والمرأة دون الرجل في التعليم والحقوق فلا تهتم الأقوام
والمجتمعات القديمة بتعليم المرأة إلا ما كان متعلقاً بشؤون عملها الضيق كتدبير المنزل
وتربية الأطفال والطعام ومبادئ القراءة والكتابة والحساب وبعض المبادئ القتالية
البسيطة واللغة والدين فالأكراد كانوا في جاهليتهم - إن صحّ التعبير- يعلّمون
الفتاة تدبير المنزل وإعداد الطعام وكما يعلمونها الأدب والعفة خوفاً من العار,
وكانت المرأة تُعامَل أسوء معاملة.
وقد اختصر التعليم المحدود فيما بعد على طبقة
الأغنياء وقد أمر أفلاطون بتعليم المرأة واعتبر جهلها على مستوى التعليم المحدود
تعليم الحيوانات وكذلك أتباعه أخذوا شواهد هذه الفكرة من أجل تحرُّر المرأة.
وفي القرن
التاسع عشر انتشر التعليم بين الفقراء والأغنياء في الريف والمدينة ولم يعد وقفاً
على فئة دون فئة وطبقة, وساعد في ذلك على قيام الثورة الفرنسية وظهر كثيراً من
الكتاب والشعراء ينادون بضرورة تعليم المرأة.
وقد فتحت
الجامعات أبوابها أمام الطالبات فها هي (اليزابيت بلاك ول) و التي عاشت في النصف
الثاني من القرن التاسع عشر ولاقت الصعوبات الكثيرة في انتسابها إلى كليات الطب
وظلت تحاول حتى قبلتها كلية (جيني فيا) في
الولايات المتحدة الأمريكية وبذلك فتحت باباً أمام الطالبات يلتحقن بالجامعات
ويكملن دراستهن العالية.
أما في فرنسا منع نابليون تعليم المرأة وفي الولايات
المتحدة الأمريكية وقفت الحكومة أمام تعليم المرأة كتاب (مكانة المرأة) للعميد الركن محمد ظاهر (ص
159) وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين سمح للمرأة أن تتعلم وأن
تدخل المدارس الابتدائية والثانوية والمراحل العليا فأقبلت على العلم وبلغت ما كانت
تصبو إليه وارتقت معالم العلم في كل مكان.
ومن هنا نلاحظ
أن تعليم المرأة قد عاوده الجمود أحياناً والنشاط أحياناً أخرى ويختلف هذا الجمود
و هذا النشاط من مكان لآخر و من حضارة لحضارة ومن بلد مستقل لبلد غير مستقل ومن
نظام اقتصادي لنظام اقتصادي آخر.
وعلى سبيل
المثال فإن سوريا قبل عام 1946م كانت المرأة تئن وتتوجّع تحت أثقال الرجعيين
والاستعمار فيضع لها العراقيل والصعوبات أمام تعليمها وبعد عام 1946 نص القانون
والدستور على إلزامية التعليم للبنين والبنات في التربية والتعليم لكل مواطن
والتعليم الابتدائي إلزامي ومجاني في مدارس الدولة ووجود البرامج.
وفي عام 1964جاء
في المادة (17) من الدستور على مايلي: (( إنَّ التعليم حق لكل مواطن وهو إلزامي في
مرحلته الابتدائية ومجاني في جميع مراحله
)) المرجع كتاب مكانة المرأة محمد ظاهر ص 190
ومن الشخصيات
العالمية اللاتي تجاوزن المحن تلك ساروجيني تايدو 1879 - 1949 التي كانت تـتصف
بالشخصية القوية والذكاء الحاد والعقل المستنير كانت متعلمة عكفت على العلم فحصلت
على أعلى الدرجات وقادت الحركات الثقافية النسوية وأيقظت في النساء حب الثقافة
والوعي والعلم مما دعاها لأن تدخل قلوب الملايين من النساء الهنديات تلقت بعض
تعاليمها على يد ((المهاتما غاندي )) زعيم الهند إذ كانت تؤمن إيماناً قوياً وتصمد
معه في المحن وفي أسلوب العذاب وكانت من أعلام الخطابة حتى أن نهرو قال في هذا الصدد: تأثرت تأثيراً
بالغاً بالتعقيبات البليغة الساطعة لسار وجيني تايدو ولقد كانت لغاندي رسولة إلى
كل أنحاء العالم.
انتخبت لرئاسة حزب المؤتمر الهندي عام 1920 وأدارت
الجلسات بكل كفاءة وحملت
دعاية وقضية تحرير الهند إلى كل بلد, وقد أطلقت عليها
الصحافة البريطانية (بسيدة الهند العظيمة) ويقول ( الرئيس الهندي رادا كريشنا ) عنها:
إنَّها أعظم امرأة هندية في عصرها وتلك ( رادين أجن كاريتين 1879 -1904 )
الأندونيسية التي تفتح وعيها القومي وأصرت على المطالبة بإنصاف الفتاة عارضها
الكثير من أبناء قومها.
وأمَّا على مستوى الصناعة فقد ثبت أن المرأة كانت تعمل في
المصانع المختلفة منذ القدم وفي أحقاب مختلفة في التاريخ حتى يومنا هذا ولقد
تأكَّد أن المرأة الفرعونية كانت تعمل بالغزل والنسيج وصنع السجاد والأدوات
الحربية وكذلك الحال عند المرأة الكردية فقد كانت تصنع الرماح إبان الحروب بين
الميدين والآشوريين.
وكذلك الحال عند
المرأة العربية أنها كانت تصنع الرماح والسهام ويقال: إنَّ الرماح الردينية تنسب
إلى ردينة وكذلك كانت تصنع الأدوية.
وتقول وداد سكاكيني ص101 –: إنَّ الرغبة في الأمومة عند
النساء غريزة فطرية منشؤها حاجة المرأة إلى أن تشمل برعايتها كائناً ضعيفاً أشد ما
يكون بحاجة إلى الرعاية لقد اختصت المرأة بالإنجاب البشري, ويعتبر العلماء إن هذا
الإنتاج أصعب عمل عند المرأة يقول الدكتور (( ألود فبج ليفي لينز )) فيما يتعلق
بالمرأة الوالدة وحنين كل امرأة إلى أن تكون لها أولاداً نزعة فطرية وأمر واقعي
لأنَّ العقم يسبب لها ارتباكاً عضوياً في كيانها كما يرى لينين: إن المرأة مازالت
رقيقاً منزلياً رغم جميع القوانين التي نصت على تحريرها طالما أن الأعمال المنزلية
الصغيرة مازال تثقل كاهلها, وتخنقها وتذلها وتقيدها بالمطبخ وغرفة الأولاد وتبدد
جهودها في عمل غير منفتح وفي عمل مثير للأعصاب ومرهق.
إن تحرر المرأة
الحقيقي والشيوعية الحقيقية لابدَّ من حيث وحين يبدأ النضال الجماهير (بقيادة
البروليتاريا مسيرة السلطة ) ضد الاقتصاد المنزلي ويبدأ إعادة تنظيمه تنظيماً
جماعياً ((كتاب لينين والمرأة – تعريب زينب نبو ص 99 )).
(4)
ويرى لينين: إن مهمة الدولة الاشتراكية بالنسبة للمرأة
والقضاء على القوانين البالية التي احتقرت المرأة والبناء من أجل المرأة ويقول: نحن الذين نستهدف مثلاً
اشتراكية أعلى نريد أن نناضل من أجل الانتصار التام للاشتراكية التي ستفتح أمام
النساء مجال العمل الواسع (( لينين والمرأة – تعريب زينب ص 108 – 109 )) ويقول
ألكسندر كولونتاي - الصفحة 19- يجب إنهاء تبعية المرأة للرجل بات بالإمكان الحصول
على الطلاق حبياً وبالتراضي خلال مهلة لا تتعدى الأسبوع أو الأسبوعين فالأسرة أحبت
اتحاداً عاطفياً اختيارياً (( كتاب تحرير المرأة العاملة تأليف ألكسندر كولونتاي
)) ويقول: إن شعار المرأة في المجتمع الشيوعي هو
مؤازرة الحرية و الحب ويقول في نفس المصدر: إنَّ نجاح الثورة الاشتراكية مرهون
بنجاح المرأة ومشاركتها الفعَّالة في النضال الثوري.
و تواجدت تلك الأفكار أيضاً عند قادة الحركات الثورية
بتقديرات مفصلة في كل مجالات الحياة الاجتماعية وفي مقدمة تلك الأفكار قضية المرأة
وحقيقة علاقاتها مع الرجل, وهنا لا يمكن
إنكار وجود المرأة الكردستانية تاريخياً وكما هو معلوم تعتبر كردستان مهد لتكون
المجتمع البشري الأول منذ آلاف السنين.
فالدور الذي
لعبته ومازالت تلعبه المرأة الكردية دور عظيم فميلاد الإنسان وتكونه تم بالمرأة بل
الآن يتم عصرنة وضع المرأة العالمية على يد المرأة الكردية التي تمرَّدت على كل
قرار في المجتمع يمس كيانها وتحظى بمكانة أولية وأساسية في المجتمع من أجل نيل
حريتها وحقوقها. عليها أن تكافح للوصول إلى الحرية الحقيقية والقضاء على اللاعدالة
واللامساواة ومواجهة النظام الذكوري المهيمن على كافة نواحي الحياة.
وهنا تبرز دورها
وقوتها وكفاءتها الإبداعية النابعة من طبيعتها الفطرية والتي تصاحب تطور الحياة
الطبيعية في التاريخ.
المصادر:
- القرآن الكريم
- مكانة المرأة للعميد الركن محمد ظاهر
- الكاتبة وداد سكاكيني
- لينين والمرأة – تعريب زينب ص 108
ليست هناك تعليقات: