الفرق بين النقد العاطفي  والنقد العملي

Pênûsa Azad-Hijmar-16A

محمد خليل

لوحظ لدى البعض الانتقاد الشديد للنص الروائي المكتوب كأثر رجعي  ولكن علينا أن ندرك أن نقد التطبيق العملي في واقع المجتمع لا يقل أهمية عن نقد التطبيق النظري والعاطفي  الذي يمثله النص المكتوب بل قد يفوقه أهمية ؛ فعلى سبيل المثال:  ربما ينتقد البعض الترويج لفكرة سلبية أو سلوك خاطئ ومشين تمت الدعوة إليه من خلال نشره في كتاب ما في قالب أدبي روائي ؛ ولكنه في نفس الوقت لا ينتقد سلوكاً مشيناً واقعياً عملياً يراه بأم عينيه في مجتمعه بل ولا يحرك ساكناً لتغييره ولو بقلبه أو بلسانه كأضعف الإيمان   فهذه الازدواجية بين نقد النظرية ونقد العمل تؤدي بصاحبها إلى فقدان المصداقية بين قوله وفعله وتعامله مع النظرية والتطبيق  وهنا تبرز الدعوة الإيجابية للتعامل بواقعية وبحكمة مع مختلف القضايا الأخلاقية في المجتمع من خلال تبني برامج واقعية مخططة ومدروسة لتغيير الواقع السلبي إلى واقع إيجابي.

 ضرورة التمييز بين مفهومي الفضيلة والرذيلة في المجتمع والكتابة

هناك تغير حقيقي في منظومة القيم الأخلاقية في المجتمع في العقود الأخيرة نتيجة للعديد من العوامل ومنها الثقافة الإلكترونية الموجهة والمبرمجة حتى يكاد الكثير من أبناء المجتمع لا يميز بين مفهومي الفضيلة والرذيلة  فهناك انقلاب فكري إذا جاز لنا التعبير في القيم الأخلاقية مصدره البعد عن القيم الدينية والأخلاقية الصحيحة  إضافة إلى المشاكل الاجتماعية التي يرضخ تحت وطأتها المجتمع دون وجود برامج ومشاريع واضحة للإصلاح الأخلاقي في هذا المجال  فالإيجابية تقتضي نشر ثقافة الفضيلة والعفة عمليا في المجتمع من خلال تبني برامج عملية فاعلة ومؤثرة وموجهة وجهة إيجابية وكتابة الواقع بضمير الكاتب أو الأديب.

 

 ضرورة التوازن بين الكتابة العاطفية والكتابة العقلية

ربما غلب على  النصوص الروائيه الجانب العاطفي أو كما عبر عن ذلك  أحد عناوين  إحدى الصحف بقوله  التعبير عن الواقع باستخدام  الحالة الشعورية لدى الكاتب  فما

 كتب كان يغلب عليه الحالة الشعورية الكامنة في النفس والتعبير عنها تعبيراً مطلقاً من خلال التنفيس الشعوري للمكبوتات الداخلية.

وفي العادة فكتابة المرأة خاصة في الأدب الروائي تتسم بالعاطفة القوية المعبرة الناتجة عن قوة العاطفة الفطرية لديها  وهنا كان الواجب عدم الانسياق نحو الهوى النفسي المطلق الذي يجرح الشعور ويخدش الحياء  بل لا بد من وجود ضوابط نفسية وأخلاقية تكبح ذلك الشعور العاطفي المطلق يتمثل ذلك في مجاهدة النفس بغرض تزكيتها لترسل رسائل إيجابية بقالب أدبي مؤطر بالقيم والمثل العليا

وأخيرا  ثقافة النقد للتغيير لا للنقد ذاته: هناك ثقافة  تسود في عالمنا المعاصر بين بعض أفراد المجتمع وهي ثقافة النقد للنقد فقط لا للتغيير والإصلاح   وهذه ثقافة يجب أن تكون مرفوضة   فلا معنى لنقد سلوكيات المرأة في المجتمع وتوصيف كل المثالب والعيوب بسطحية دون الوقوف على الأسباب الحقيقية التي تدعو المرأة إلى مثل تلك السلوكيات والتصرفات   فالخطاب الديني أو الثقافي الذي همه فقط وصف وبيان الانحرافات السلوكية وبأسلوب عاطفي وعظي يخاطب العاطفة وحدها ويتبنى منهجاً وصفياً ثم في نهاية المطاف يحذر من تلكم الانحرافات  ربما لن يكتب له النجاح في التغيير والإصلاح المنشودين دون المعرفة العميقة بالأسباب الحقيقية التي تقع وراء تلك الانحرافات ومن ثم تحليلها  ومحاولة إيجاد حلول وبرامج عملية واقعية لاجتثاث المشكلة من جذورها باتباع منهج عملي يتسم بالمصداقية والمرونة ودمج العاطفة والعقل معاً.

يناير 03, 2024