(ليتني أحكم سوريا يوماً واحداً ثم أُقتل بعده)
Pênûsa Azad hijmara
hivdeh 17`ê
علي شيخو برازي
تحققت أمنية هذا الرجل الشجاع الذي كان صادقاً مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع شعبه, في صبيحة 30 أيار (مايو) عام 1949 عندما قام بانقلابه الأبيض , على حكم شكري القوتلي الذي أنهك الجيش والشعب في سوريا, بسوء إدارته وتعاليه على الشعب, فكان حسني الزعيم , وكانت سوريا سريعة الخطى نحو المدنية والحضارة , وهزّت في 137 يوماً هزة أشد من قوة الزلزال .
حسني
ابن الشيخ رضا بن محمد بن يوسف الزعيم , ولد في حلب عام 1897 , كان والده مفتياً في الجيش العثماني, و يقال: إن عائلته بالأصل من منطقة برزان , من كردستان –
العراق .
درس
حسني الزعيم في المدرسة الحربية بالأستانة، وقبل أن يتم دراسته، انضمّ إلى الجيش
العثماني، فاعتقله البريطانيون في الحرب العالمية الأولى. ثم تطوّع في الجيش
الفيصلي الذي دخل دمشق وحارب العثمانيين.
حسني
الزعيم الرجل الذي كان يسعى إلى تحقيق سوريا علمانية، على غرار نابليون وهتلر ومصطفى
كمال أتاتورك.
وهو أول رئيس من خارج الطبقة الأرستقراطية الإقطاعية التي حكمت البلاد منذ
جلاء الفرنسيين عنها ، والتي شكلت السمة الأبرز في الحياة السياسية خلال عهد
الجمهورية السورية الأولى وأول رئيس لا يعتمر الطربوش تعبيراً لرفضه للماضي بكل
أشكاله, وحاول بكل جهد أن يجعل من سوريا بلداً حضاريا بكل معنى الكلمة , وقد كتبت صحيفة التايمز أنه (أنهى حكم العائلات
الغنية في سوريا، وقضى على الفساد في الدولة) وعلى الرغم من فترة حكمه القصيرة إلا
أنه قدم إنجازات هامة لسوريا وللسوريين، منها: منح المرأة حق التصويت، ووضع قانون
الأحوال الشخصية, وقرارات هامة أخرى .
ومن جهة أخرى وقف الزعيم ضد المشاريع القومية في
المنطقة ,يقول نزيرفنصة : (إن حسني الزعيم اختار محور مصر – السعودية في مواجهة
المحور الهاشمي الأردن – العراق. كما اتخذ موقفاً عدائياً شرساً من مشروعي (سورية
الكبرى) و(الهلال الخصيب), و قال حسني الزعيم في مؤتمر صحافي عقده بتاريخ 26 نيسان
1949: هؤلاء , إشارة إلى العراق والأردن, لم يعترفوا بالوضع الجديد في سورية،
وإنهم يتآمرون علينا، وقد أسفروا عن نواياهم العدوانية بحشد قواتهم على حدودنا
بغية تحقيق مشروعهم المسمّى (الهلال الخصيب) أو مشروع (سورية الكبرى) .
وقد
غربل الزعيم سوريا خلال 137 يوماً من حكمه، لتكون أول بلد يرتدي ثوب الحضارة في
زمن الإقطاع .
ويقول أحد وزرائه وهو (فتح الله
ميخائيل صقار) في كتابه (من ذكريات حكومة الزعيم حسني الزعيم) عام 1952م: إنّ حسني
الزعيم كان يشعر بأن حياته مهددة بالخطر، وسمعناه مراراً يقول: (إن دمي على كفي،
ولا أخشى الموت إن كان ذلك في مصلحة الوطن؛ ولم يكن يخطر في باله أن يكون حتفه بين
رفقائه الذين ناضلوا معه السنين الطوال، والذين اشتركوا معه في ثورة على القوتلي.)
والغريب
في الأمر هو: مكافأته بالإعدام هو ورئيس وزرائه على يد العقيد سامي الحناوي
بمساعدة ضباط من الحزب القومي السوري وبعض القوميين العرب , جزاء انقلابه الأبيض
الذي لم يهدر فيه نقطة دم سوى دمه ودم البرازي .
حيث
اجتمع المجلس الحربي الأعلى برئاسة الزعيم سامي الحناوي ليلة 13 آب (أغسطس) 1949،
، وأجرى محاكمة صورية سريعة وأصدروا حكم الإعدام بحسني الزعيم، ورئيس وزرائه محسن
البرازي، وبعد يوم من صدور الحكم، نُفذ بهما الإعدام رمياً بالرصاص في حقل (عرطوز)
قرب دمشق .
يقول نزير فنصة في كتابة (أيام حسني الزعيم) : إنّ حسني الزعيم
قال قبيل إعدامه للجنود الذين أشهروا رشاشاتهم وبنادقهم نحوه: (أنا حسني الزعيم،
أنا الذي جعلت لكم كرامة، وللجيش هيبة، تقتلونني بدلاً من قتل هؤلاء الكلاب
السكارى؟.)
لقد رسم القوميون العرب صورة غير حقيقية لهذا الرجل الشجاع ,صورة لا
تطابق الواقع ولا معطيات ذلك العصر, وهو تزوير لتاريخ زعيم وطني أخذ بيد سوريا
وشعبها إلى سبيل الرقي والحضارة , بل هي الصورة التي رسموها لكل من لم ينصهر في
بوتقتهم القومية, وكل من خرج عن دائرتهم الخانقة, ولسان حالهم الجرائد العربية
التي كانت تنعت سوريا آن ذاك بالجمهورية العسكرية الكوردية.
ليست هناك تعليقات: