وفاءٌ للحرف والراحلين، في ذكرى محمود صبري يتوّج إبراهيم قاسم بجائزته الأولى - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
الأحد، 30 نوفمبر 2025

وفاءٌ للحرف والراحلين، في ذكرى محمود صبري يتوّج إبراهيم قاسم بجائزته الأولى

 وفاءٌ للحرف والراحلين، في ذكرى محمود صبري يتوّج

 إبراهيم قاسم بجائزته الأولى- عزالدين ملا

Pênûsa Azad22


نمضي وتبقى الكلماتُ شجرا لا تحرقه الريح، يمضي الشاعر وتظل قصائده ظلالا نركن إليها في قيظ الرحيل، يمضي الحبرُ وتبقى أرواحنا تحرسُ دفاتره من غبار النسيان

بهذا الوفاء للكلمة وأهلها، احتفى فرع الحسكة لاتحاد كتاب كوردستان – سوريا، يوم الجمعة 18 تموز 2025، بذكرى مرور عامين على رحيل الأديب الكُردي محمود صبري ( أڤيندار غەمکین )، في أمسية اتّسعت فيها الذاكرة لتشمل كل من حمل القلم وصان الحرف من الذبول.

في صالة الخابور بمدينة الحسكة، اجتمع الأدباء والمثقفون وممثلو المجلس الوطني الكُردي وشخصيات سياسية واجتماعية، وأطياف من منظمات المرأة والشباب، ليشهدوا معا لحظةً يلتقي فيها الغائب بالحاضر، ويُزهر فيها الإرث على هيئة تكريم جديد.



استهلّ الكاتب مشعل أوصمان الحفل بكلمة دافئة رحّب فيها بالوجوه التي جاءت تشهد للراحل وتمنح صوته حياة جديدة، لتُستكمل اللحظة بدقيقة صمت وقوفا أمام أرواح شهداء الكورد وكوردستان، أولئك الذين كتبوا بأجسادهم ما لم تُكمله القصائد.

ثم أضاء الكاتب سعيد يوسف بعضا من الدروب التي مشاها محمود صبري، عابرا بمحطات نضاله الأدبي والسياسي، مستعيدا إسهاماته التي بقيت حاضرة في أوراق الأدب الكُردي الحديث، كصوت ظلّ يردّد أن الحرف بيت لا يهدمه المنفى.


وتعاقبت الفقرات الفنية كزهور تُنثر فوق الضريح الرمزي، فغنّى الفنانان محمود عزيز ومعصوم شكاكي أغاني الوطن والذاكرة، بينما صدحت مختارات من قصائد الراحل بأصوات أفين شمدين وصالح خلف، ليضيف الشاعر عمران منتش قصيدة مهداة إلى روحه، قصيدةٌ كُتبت لتُقرأ على قبر لم تغلقه الأرض بعد عن حروف أصحابه.




 وفي لحظة اختلطت فيها الدموع بالفخر، ارتقت الدكتورة شهناز صبري – ابنة الأديب – إلى المنصة، لتحدّث الحضور عن رجل لم يكن والدها وحسب، بل أبا روحيا لجيل من الشعراء والحالمين، تاركا وراءه ميراثا من الحروف والحرية.

وفي ختام هذا اللقاء الذي وحّد الأحياء بالغائبين، أعلنت عائلة الأديب الراحل عن تقديم جائزة محمود صبري لأول مرة، جائزةٌ كُتبت لتظلّ سنويا وساما يُعلّق على صدر من يواصل سهره على اللغة والهوية. وقد ذهبت في دورتها الأولى إلى الكاتب والشاعر إبراهيم ملا قاسم، اعترافا بإصراره على حراسة الأدب الكُردي من محو أرادوه له طويلا، ووفائه لتعليم الحروف التي حرمتها السياسة من الضوء.



هكذا، في مدينة عرفت الحبر والمنفى معا، ظلّت الكلمة حيّة، وظلّ الشعراء أوصياء على ذاكرة ترفض أن تتقاسمها الريح والنسيان.

 

خيوط الحبر والوفاء، رحلة صداقة وإبداع بين إبراهيم ملا قاسم ومحمود صبري

كانت البداية خيطاً رفيعاً من الحبر، حين التقت كلمات الشاعر والكاتب إبراهيم ملا قاسم على صفحات مجلة خناف التي كان يشرف عليها الأديب الكردي الراحل محمود صبري. هناك وفي تلك المسافة المضيئة بين النص والروح، وُلدت أولى ملامح المعرفة، لتزهر بعد عامين في بيت الشاعرة ديا جوان، حيث التقت العيون وتشابكت القلوب في لغة الشعر.

ومنذ تلك اللحظة، لم تكن العلاقة مجرد معرفة عابرة، بل صارت رحلة صداقة وإبداع، تُضاء على منصات الأمسيات الشعرية التي جمعتهما، وتُرسّخ حضورها أكثر فأكثر مع كل قصيدة تُقرأ، وكل حوار يُحاك. ومع تأسيس مجلة بهار عام 1995، تداخلت دروبهم مرة أخرى، فكانوا معاً أعضاءً في لجنة مهرجان الشعر الكردي، ثم في اتحاد كتاب كوردستان سوريا، وكأن القدر كان يصرّ على أن تظل هذه الصداقة شاهدة على عبق الكلمة الكردية.

 

لم تنقطع خيوط العلاقة، بل كانت تمتد دائماً، بصدقٍ ووفاء حتى صارت صداقة إبراهيم ملا قاسم مع محمود صبري واحدة من أجمل محطات حياته، علاقة جمعت بين القلب والحرف وبين الإنسان والأديب.

ولعل أجمل ما خُتمت به هذه الرحلة أن اختارت عائلة الراحل الكبير أن يكون أول تكريم للشاعر إبراهيم قاسم، عربون وفاء لذكراهما المشتركة، وتقديراً لعلاقة لم يعرفها الزمن إلا متينة وصافية ومضيئة كقصيدة لا تنطفئ.

 

لمحة عن الكاتب والشاعر إبراهيم ملا قاسم الذي نسج حروفه من ذاكرة قريته وأحلام شعبه

 


في قرية وادعة تُدعى حمزة بك، من ريف ديركا حمكو التابعة لمحافظة الحسكة في غربي كُردستان، وُلد إبراهيم ملا قاسم سنة 1961. جاء إلى الحياة في بيت لم يكن كسائر البيوت، بل كان بيتا عامرا بالكتب، ومفتوحا على نوافذ العلم والأدب والثورة في آن معا. فمنذ نعومة أظفاره، تشرّب إبراهيم حروف اللغة الكُردية من رفوف مكتبة والده الملا قاسم وأخيه الأكبر عبد اللطيف، اللذين لم يكونا مجرد أهل بيت، بل كانا جسرا بينه وبين تاريخٍ طويل من النضال والوعي، إذ شاركا في ثورة كولان في جنوب كُردستان.

بهذه البذور الأولى، تفتّحت مدارك الفتى على دواوين شعراء كبار، كـ ملا جزيري وأحمد خاني وفقي تيران، وراح يلتهم صفحات مكتوبة بالأحرف الآرامية واللاتينية معا، ليصنع لنفسه، عبر التعلم الذاتي، هوية لغوية وأدبية صلبة. لم يكتف بذلك، بل حمل شغفه إلى أقرانه، يعلّمهم قواعد اللغة الكُردية ويزرع فيهم شغف القراءة والكتابة، من قاعات الدراسة في الحسكة إلى مدرجات جامعة حلب التي تخرّج منها سنة 1984 من المعهد التجاري.

بعد تخرّجه، حملته الأقدار إلى دمشق، العاصمة التي اتخذها موئلا جديدا لأحلامه بين 1988 و1993. هناك، في حي ركن الدين، أو ما يعرف بـ حي الأكراد، فتح إبراهيم أبواب بيته لشباب كُرد قدموا من مدن وقرى بعيدة للدراسة في جامعة دمشق. علّمهم قواعد لغتهم الأم التي حرمتهم منها سياسات التهميش، وصار بيته خلية وعي ثقافية حيّة.

في دمشق، توطّدت علاقاته مع رموز الأدب والفكر الكُردي، فتعرّف إلى القائد أوصمان صبري، وزار بيت الشاعرة ديا جوان، وأسهم مع مجموعة من المثقفين في تأسيس نواة ثقافية حملت همّ الأدب الكُردي آنذاك.

وبعد دمشق، عاد إلى ديركا حمكو بانتقاله الوظيفي، ليُكمل رسالته من هناك. كتب إبراهيم ملا قاسم مقالات وقصائد في الصحف والمجلات وعلى صفحات الإنترنت، وأسهم في هيئة تحرير مجلة بهار الصادرة عن التحالف الكُردي. في عام 1995 انضمّ إلى مجموعة ديريك الثقافية، فصار اسمه حاضرا في المشهد الثقافي الكُردي كاتبا ومعلّما وناشرا للوعي.

سنوات طويلة من العطاء تكلّلت بانضمامه إلى اتحاد كتاب كوردستان – سوريا سنة 2013، حيث انتُخب رئيسا لفرع ديريك. هناك، شارك في لجان تنظيم المهرجانات الأدبية، وكان له دورٌ بارز في الإشراف على مهرجان الشعر الكُردي السنوي في غربي كوردستان. كما درّس الأدب الكُردي في معهد بدرخان، وسخّر خبرته لتعليم أصول الشعر الكلاسيكي عبر شبكات التواصل، رابطا الأجيال الجديدة بجذور لغتهم وثقافتهم.

في المؤتمر الثاني للاتحاد عام 2015، انتُخب عضوا في هيئته الإدارية، ثم صار عضوا في هيئة تحرير مجلة Pênûsa Azad  وعضوا في إعلام الاتحاد. وما زال حتى اليوم يحتفي بالكلمة، قارئا وناشرا وموجّها، إذ نشر عبر صفحاته الشخصية العشرات من قصائده وقصائد الشعراء الكُرد الكبار، مقاطعُ حملت روح الكلمة إلى الناس.

وفي عام 2022، توّج مسيرته بجائزة مهرجان الشعر الكُردي في دورته السابعة والعشرين، تكريما لمسيرة لم تعرف الخمول، ولشاعر ظلّ أمينا للحرف الذي حمله من قريته الصغيرة إلى منصات الشعر والصحافة والثقافة.

 

اهم اعماله المطبوعة والغير مطبوعة:

 

نتاجاته المطبوعة:

1-Şîn û Zayîn-Helbest çapa Şamê 1991z

2-Fîxan-Helbest çapa Dêrika Hemko 2005z

3- Vekolîn – vekolîeke lezgîn di tore û wêjeya Kurdî de çapa Dêrika Hemko sala 2012

4-Vekolîn – Ciwaniya Helbesta Kurdî- çapa Hesekê sala 2017

5-Azariya Dêmên Mehweşîn –Helbest- çapa Qamişlo sala 2018

6-Vekolîn-Qunax û Rêbazên wêjeya Kurdî 2023- jimara spardinê(D-2545-23) Pirtûkxaneya Bedirxaniyan li Duhok

7-Mijarênên wêjeyî û kultorî –çapa Qamişlo 2025z

 

نتاجاته جاهز للطبع:

1-Dîwana Baxçê min-Helbest

 

مسودات بين يديه لنتاجات جديدة:

1-Hijmarek helbest biqasî 2 dîwanan

2-Kurte çîroknên Belav

3- Wergerandina dîwana Asoma Girtinhevê ya Helbestvan Ehmedê Şêx Salih "tîpguheztin" ji tîpên kurdî yên Aramî bo tîpên kurdî yên Latînî mixabin hîn ew jî nehatiye çapkirin.

 

إن الحديث عن إبراهيم ملا قاسم ليس حديثا عن سيرة فرد وحسب، بل عن جيل كامل من الكُتّاب والشعراء الكُرد الذين واجهوا حرمان الهوية بالتعليم الذاتي والإبداع، ونقلوا شعلة اللغة والثقافة إلى الأجيال الجديدة، رغم كل الظروف. فها هو إبراهيم بين مقالاته المطبوعة وأعماله غير المنشورة، ما يزال يكتب من الذاكرة لأجل المستقبل، شاعرا وكاتبا ومعلّما يرفض أن تنطفئ جذوة الكلمة الكُردية مهما كانت الرياح.

 

سيرة حياة الأديب الكُردي محمود صبري وأعماله

 


وُلد الأديب الكردي الكبير محمود صبري، المعروف أيضاً باسم (أڤيندار غەمکین)، في عام 1937 في قرية جتلى كيكان التابعة لمدينة درباسية بمحافظة الجزيرة (الحسكة) في سوريا. نشأ في أحضان الطبيعة القروية البسيطة، وبالرغم من صعوبة الظروف وغياب المدارس الرسمية، كانت إرادته التي لا تلين وقلبه المشتعل بالشغف للعلم والمعرفة، سببا في أن يبدأ رحلة تعلّم القرآن الكريم على يد عالم دين من قريته.

 

لم يكن طريقه سهلاً، فقد قضى سنوات طفولته يتلمذ عند عدة علماء دين في الجزيرة، فارتقى بثقافته العلمية وتعمق في العلوم الإسلامية واللغة العربية، لتتسع آفاقه ويصبح رجلاً من رجالات الفكر والأدب في مجتمعه.

 

في عام 1960، وبعد مسيرة طويلة من التحدي والصبر، بدأ يتلقى التعليم النظامي بدعم من شيخه ملا عبد الله القرطميني، حيث درس في مدرسة عائلة الخزنوي المركزية، وهي الخطوة التي فتحت أمامه أبواب المستقبل.

 

لكن الحياة لم تخلو من الألم، ففي نيسان 1960 شهد مأساة حريق سينما عامودا التي أودت بحياة مئات الأطفال الكرد، حادثة تركت جرحا عميقا في قلب محمود وأشعلت فيه نار الغضب ضد الظلم والقهر. هذا الحدث كان نقطة تحول في حياته، حيث وقف مع رفاقه وأبناء شعبه بوجه السلطة الظالمة، في موقف شجاع يعكس صدق حبه للحرية والعدل.

 

بفضل عزيمته الصلبة، اجتاز الامتحان المركزي الرسمي رغم كل الصعوبات، وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1961، ليبدأ بعدها مسيرة تعليمية حافلة بالتفوق والعمل الدؤوب، فقد عمل مدرسا لثلاث سنوات، وواصل دراسته لمرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية (البكالوريا) التي نالها عام 1965.

 

لم يكتفِ محمود بذلك، فقد التحق بمعهد دمشق للتعليم الرسمي (صف خاص)، ثم بجامعة دمشق حيث درس الحقوق والعلوم السياسية، ليحصل على شهادة الليسانس عام 1970، ويتابع دراسته في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي ضمن برنامج الأمم المتحدة، مظهراً بذلك حرصه الدائم على تطوير نفسه وخدمة مجتمعه.

 

كان محمود صبري صوتا أدبيا وثقافيا بارزا، حيث كان عضوا في لجنة تحرير مجلة (خوناف) وكذلك مجلة بهار( BIHAR) التي كان يصدرها التحالف الكوردي ومشاركا فاعلًا في مهرجان الشعر الكردي، ينقد ويثري المشهد الثقافي بأفكاره وكلماته الصادقة.

 

على مدار 38 عاما، كان محمود مناضلا في سبيل حرية الشعب الكردي، يعمل بجد في اللجان العليا للحركة الكردية، ليترك بصمة لا تمحى في تاريخ نضال وثقافة شعبه.

 

وفي عام 2023، ودّعنا هذا الإنسان العظيم عن عمر ناهز 86 عاما، تاركا خلفه إرثا ثريا من الأدب والفكر، وأسرة متماسكة تضم زوجة وأبناء وأبناء وبنات، منهم أطباء ومهندسون، حاملين راية العلم والمعرفة التي أوقدها والدهم.

محمود صبري ليس مجرد أديب، بل هو رمزٌ للتحدي وصدى الحرية ونور الثقافة الذي أضاء دروب الأجيال القادمة.

 

الجوائز وشهادات التقدير

 

جائزة مهرجان الشعر الكردي في سوريا عام 2010.

شهادة تقدير من اتحاد المعلمين الأكراد في الحسكة عام 2014.

شهادة تقدير من اتحاد كتاب كوردستان سوريا عام 2016.

شهادة تقدير من اتحاد الكتاب الكرد في سوريا عام 2021.

شهادة تقدير من اتحاد نساء كوردستان في سوريا عام 2022.

 

أعمال محمود صبري

 

1-Nigarên kul û derdên jiyanê(helbest)1996.z

2-Nerînek di terazû ya ristên Kurdîde(vekolîn)1997.z

3-Geştek li nav baxê ristên Cizîrî (beşê yekem)2000.z

4-Hin hest û ramanên netewî û civakî 2002.z

5-Geştek li nav baxê ristên Cizîrî(beşê duyem)2003.z

6-Doza giran û umîd û xwezga yên tevlihev(beşê yekem).helbest 2006.z

7-Doza giran û umîd û xwezgayên tevlihev(birra duyem).helbest2007.z

8-Nasnameya Kurdî li sûrya(vekolîn) 2011.z

9-Cengên xaçparêzî û şikodarîya berevanîya Kurdî(vekolîn)2013.z

10-Salixên merd û zîbayên Kurd (helbest)2017.z) 2017

وفاءٌ للحرف والراحلين، في ذكرى محمود صبري يتوّج إبراهيم قاسم بجائزته الأولى Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on نوفمبر 30, 2025 Rating: 5   وفاءٌ للحرف والراحلين، في ذكرى محمود صبري يتوّج  إبراهيم قاسم بجائزته الأولى - عزالدين ملا Pênûsa Azad22                         نمضي وت...
Next
This is the most recent post
رسالة أقدم

ليست هناك تعليقات: