الخط الآمن -قصة قصيرة-شمس عنتر - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
الخميس، 5 يناير 2023

الخط الآمن -قصة قصيرة-شمس عنتر

        الخط الآمن -قصة قصيرة-شمس عنتر

"هل يعقل أن يوجد في هذا العالم النابض بالظلم والأحقاد والشراسة إنسان بلا أنياب أو مخالب" أنطون تشيخوف.

تواظب أحلام على تفقد هاتفها كالمتعبد الناسك المواظب على صلاته ، تفتح الواتس ثم الماسنجر ثم الفيس بوك ، تتأمل صورته الشخصية على ذلك الحساب القديم ، يتمزق قلبها ،ثم تخرج إلى  صندوق البريد المثبت عند بابها ، لتبتلع جرعة خذلان يومية،  وتعود منهكة تتلمس بطنها، ينتابها مغص، فتدعو الله بحرقة أن يخلصها من هذا الحمل الثقيل.

ستة أشهر مضت وهي تحلم بذلك الوجه الملائكي الذي  شاركها الفراش ثم تقفز كالشياطين وجوه شنيعة أخرى كانت قد  نهشت جسدها.

 لطالما تخيلت إنها تتلقف رشاشا وترديهم  قتلى ثم تدوس على جثثهم لتصل إلى أحمد كي يهربا معاً.

ملّت من ترداد  " هل لي ذنب فيما حصل "؟

تلمس أذنها بحنان وكأنها تخفي رسالة ربانية ،تسمع همس أحمد :" يا حلمي الحلووو اليوم أهلي جايين ليخطبوكي ".

 خلال شهر واحد تمت الخطبة  و العرس معاً، فقد اتفقا أن يحتفظا بالمال ليتم تسليمه للمهرب لاحقاً ،وبدأت الرحلة من الحسكة إلى رأس العين ثمّ إلى نقطة العبور إلى تركية ، مع مجموعة  نساء  ورجال، و هنا  تظهر مخالب للذكريات  تشعر بنزيف ما، وتتمنى أن يكون من رحمها.

 عندما اقتربتِ المجموعة من ذلك المعبر الذي كان يُقال عنه خط عسكري آمن! لاحت  تلك اللحى القذرة والتلويح المستفز بالسلاح وكانوا ينهقون بترديد الشعارات الوطنية ، سرعان ما قاموا بتفريق  الذكور عن الإناث وانشطرت المجموعة إلى شطرين.

الصداع يفتت دماغها، تعاني من تدفق الذكريات، وكأنها حجارة تهبط على كبدها الجريح،  تضرب بكفّها جبهتها المحمومة ،تريد طرد تلك الذكرى التي تحولت إلى سكين مسموم ينغرس في قلبها كل حين, لكن لا شيء قادر على طردها ، هي تشم رائحتهم العفنة، تشعر بأكفهم الخشنة، ترى ثيابهم النجسة وتبصر أعينهم الفارغة من أية  مشاعر سوى من ذلك الشبق الذين يجعل لعابهم  يسيل بقرف، كانوا مجموعة فئران متجمعة حول قطعة جبن، كانت واعية حتى العاهر الثالث ثم فقدت الوعي.

لم تعلم كم من الوقت قضت في ذلك الوجار وكم واحداً  منهم نهشها ، لكنها تتذكر حين رفعها أحمد ووضعها في جوف الحافلة ثمّ مرر يديه جيئة وذهاباً  وكأنه يهيل عليها التراب ، حين مشت الحافلة المتجهة  إلى الأراضي التركية, بقي أحمد واقفاً هناك وصار يصغر ويصغر حتى تلاشى.

بقيت أحلام لوقت طويل غير مستوعبة ما حصل لها، كانت دائمة الانكماش تحتضن حقيبتها وترخي جدائل تعبها على كتف الصمت، وتتكوّم ككرة صوف تلتصق بإحدى النساء من المجموعة، كانت المجموعة تشفق عليها وتتعاطف معها فهم يتخيلون ما تعرضت له، لكنّ الألم شخصي جداً من الصعب أن يتشاركه أحد.

شهران وتلك المجموعة تكافح للبقاء معاً،  قضوا فترة عصيبة في غابة بين صربيا ورومانيا حين نفذ الطعام حتى اضطروا لأكل أوراق الشجر، تتذكر كلام  رفيقتها في  الرحلة حين  وصلوا إلى آخر محطة، و توالى ذوي المجموعة لاستلام ذويهم  ، قالت لها لقد أوصاني أحمد بكِ ستأتين معي على أن تسلمي نفسك ولا تسألي عن أحمد  فقد طلقك, انه رجل يا أختي لا يستطيع العيش مع امرأة تمّ اغتصابها !!!.

عندها توّسعت المسافة بين قلبها وعقلها و اختلطت مشاعر فرحة  الوصول لألمانيا بالحزن على ما سمعته.  

كما هو أمر الجنين  مختلط عليها ، أحيانا تتلمس بطنها بكل حب عندما تعتقد أنه طفل أحمد وأحياناً أخرى  تلكم بطنها بكل حقد ، فقد يكون ثمرة تلك الشياطين .

إلى أن وصلت لحد لم تعد تتحمل وقع تلك الذكريات عليها، صعدت الى أعلى المبنى وتخيلت نفسها تتهاوى ،عندما شدها أحدهم من الخلف واحتضنها بشوق مفرط. 





 

الخط الآمن -قصة قصيرة-شمس عنتر Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on يناير 05, 2023 Rating: 5         الخط الآمن -قصة قصيرة-شمس عنتر "هل يعقل أن يوجد في هذا العالم النابض بالظلم والأحقاد والشراسة إنسان بلا أنياب أو مخالب" أن...

ليست هناك تعليقات: