قراءة في كتاب
(على شواطئ الغربةِ) للشاعر ڤانيس ميراني
عمران منتش
شهدت بدايات العصر الحديث - الذي نعيشه الآن- تطوّرات
وقفزات حضاريّة في كافّة مناحي الحياة والعلم والأدب والفنّ, ونظراً للتّطورات
الحديثة وانشغال الناس بأسباب معاشهم, فقد شهد الأدب الحديث قفزة جديدة, وعلى سبيل
المثال لا الحصر في اليابان كان لابدّ من شعر الهايكو الذي يتماشى مع ضرورات عصر
السّرعة, وسرعان ما انتقل شعر الهايكو إلى بقية الشعوب والبلدان وتناوله العديد من
الشعراء.
وهكذا سار شعراء الكورد
أيضاً على هذا النهج فكان لهم الحظ الوافر في هذا المجال, ومن بين الشعراء
الكورد الذين كتبوا قصيدة الهايكو شاعرنا ڤانيس ميراني.
أسعدني الكاتب والشاعر ڤانيس ميراني حينما وضع مجموعته
الشعريّة بين يديّ طالباً منّي مراجعة ما كتبه من باقات وقصائد في فنّ الهايكو.
ولكن قبل البدء بتسليط الضوء على هذه المجموعة إليكم بطاقة التعريف بهذا الكتاب:
اسم الكتاب: على شواطئ الغربةِ
الموضوع: قصائد هايكو
الكاتب: ڤانيس ميراني
التدقيق والمراجعة اللغويّة: عمران منتش
التنضيد: عمران منتش
صورة الغلاف: من الغوغل
تصميم الغلاف: كانيوار حاجي
عدد الصفحات: 124
رقم الإيداع: مكتبة بدرخان(24/2328/D-)
المطبعة: كازي في دهوك
الطبعة الأولى: كوردستان 2024 م –
و أنا أتصفّح هذه المجموعة شدّتني المُتعة متعة القراءة
وجمال التصوير والسلاسة اللفظية والصّدق في المشاعر وغزارة الموضوعات التي تناولها
الميراني فقد ذكر الإنسان
وما يعاني وذكر الطبيعة والمشاعر الإنسانية والبيشمركة
الأبطال الذين هم فخر لكلِّ كوردي مخلص شريف.
فقد مدح البيشمركة ورأى أنّهم رسلُ السّلام وطلاّب
الحرية فهم
يكرهون الشرّ الذي فُرض عليهم فهم أسطورة المجد
والكبرياء يقاتلون دفاعاً عن حق مسلوبٍ, يقول الميراني:
حكايةُ المجدِ
ورُسلُ السّلامِ والحريّةِ
بيشمركةُ كوردستان.
والرئيس البارزاني مالك القلوب ورمز الأمّة فهو يستحقُّ
المدح والثناء والخلود في سفر التاريخ يقول شاعرنا ڤانيس:
بينَ السّطرِ والسّطرِ
أدوّنُ اسمَكَ
يا مالكَ الفؤادِ.
و تطرّق
شاعرنا إلى موضوع مُعاناة المهاجر وقسوة حياته وأشار إلى الأسباب التي أرغمته على
الإبحار فوق شطآن الموت يقول ڤانيس:
قواربُ الموتِ
البحرُ أكثرُ أماناً
من الوطن.
ومأساة
عفرين ومدنها وأريافها حاضرة في وجدان الشاعر
فبالإضافة
إلى مأساة الاحتلال وتهجير أهلها عانى أهلها ويلات الزلازل المُدمِّرة يقول ڤانيس:
زلزالٌ مُدمِّرٌ
زهورُ الرّبيعِ ضحاياهُ
في عفرينَ و جنديرسَ.
شاعرنا مخلص لوطنه فهو ابن بيئته وصف الإنسان و مشاعره
ووصف طبيعة بلاده حيث وصف الماء والهواء والشّجر والحجر والمطر وإلى ما هنالك يقول
في إحدى قصائده:
صوتُ المطرِ
مع صريرِ الرّياحِ ترتّلُ
سمفونيةَ الطبيعةِ.
ووصف المرأة فهي الأمّ والحبيبة والمُناضلة فها هو يصف
آلامه وقسمته في الحبّ يقول ڤانيس:
المسافةُ
بيني وبينَ العشقِ
عذابٌ.
ولليلى قاسم الشهيدة المناضلة حضور في قصائده فهي ليلى
الغائبة الحاضرة في وجداننا يقول الشاعر:
ليلى قاسم
جسدٌ غائِبٌ
روحٌ حاضرةٌ.
و في البدء و النّهاية أبارك للكاتب ڤانيس ميراني صدور
مجموعته المُعنونة باسم (على شواطئ الغربةِ )وأتمنّى أن يجد الكتاب مكانه المُستحق في المكتبة الكورديّة
و سأترك للقارئ قراءة هذا الكتاب وتقليب صفحاته بكلّ
تمعُّنٍ وتفكيرٍ ولكنني أخترت للقارئ .
مختارات من قصائد الهايكو للشاعر ڨانيس ميراني:
قافلةُ
الأزماتِ
بينَ
شفاهِ الجروحِ ترسمُ
خارطةَ
المُعاناةِ.
* * *
قواربُ
الموتِ
البحرُ
أكثرُ أماناً
من الوطن.
* * *
طفلٌ
مُشرَّدٌ
مع بزوغِ
الشّمسِ
يحنُّ
إلى أمِّهِ.
* * *
تراجيديّةُ المأساةِ
الهروبُ
من الموتِ
عبرَ
طرقِ الموتِ.
* * *
حقيبةُ
سفرٍ
تصلُ
حديقةَ المنزلِ
قبلَ
الفراشةِ.
* * *
حقيبةُ
سفرٍ
تركبُ
الحصانَ
قبلَ
العروسِ.
* * *
غيومٌ حزينةٌ
تتفجّرُ
بالبكاءِ
لتسقيَ
القلوبَ العطشى.
* * *
تحتَ
أشعةِ الشّمسِ
تتراقصُ
الحروفُ
بسمفونيّةِ
الحياةِ.
* * *
تحتَ
أشعةِ الشّمسِ
تحمرُّ
خدودُها
خجلةً.
* * *
تحتَ
أشعةِ الشّمسِ
تتمايلُ
سنابلُ الخيرِ
خجلةً.
* * *
قُبلةُ
الصّباحِ
من الشّفاهِ
المُقدَّسةِ
تفوحُ
الياسمينُ.
* * *
قُبلةُ الصّباحِ
من شفاهِ
الياسمينِ
تفوحُ
الذّكرياتُ.
* * *
لا يرى
تضاريسَ
وجهِها
في عتمةِ الليلِ
إلّا
القمرُ.
* * *
رأسُ السّنةِ
يعانقُ
خدودَها الحمرَ
أحزانٌ و أوجاعُ.
ليست هناك تعليقات: