المرأة الكردية في سوريا.. رائدة الثقافة والتغيير في ظل التحولات السياسية - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
الأحد، 3 أغسطس 2025

المرأة الكردية في سوريا.. رائدة الثقافة والتغيير في ظل التحولات السياسية

المرأة الكردية في سوريا.. رائدة الثقافة والتغيير في ظل التحولات السياسية


Pênûsa Azad-H-21

عبير عبدالرحمن دريعي

"حين تكتب المرأة تاريخها بيدها، فإنها تكتب مستقبل أمة بأسرها."

 (نوال السعداوي)

في أعقاب التحولات السياسية العميقة التي شهدتها سوريا بعد انهيار نظام حزب البعث الشوفيني وسقوط حكم بشار الأسد الديكتاتوري، بقيت المرأة الكردية في روج آفا كنموذج استثنائي في الإبداع والمقاومة الثقافية، واستمرت في خلق الجمال الفني والأدبي إلى جانب نشاطها الاجتماعي والسياسي، من خلال إثرائها للمشهد الثقافي بلغتها الكردية الأم إلى جانب اللغة العربية، وقيامها بهذه الأدوار النضالية والمعرفية جعل منها نموذجاً مميزاً في تاريخ الأدب والفن الكردي المعاصر ،وظاهرة ثقافية لاقت الاهتمام الإعلامي، بعد فصول من الإهمال والتعتيم الإعلامي إبان فترة البعث  ونظامه القمعي.

 فعلى مدار عقود، عانت المرأة الكردية من السياسات الشوفينية التي انتهجها نظام البعث الديكتاتوري في العهد الأسدي، والتي سعت إلى طمس الثقافة وحظر استخدام اللغة الكردية، مما قيد مساحة الكتابة والإبداع،   غير أن الثورة السورية فتح أمام المرأة الكردية آفاقاً رحبة للتعبير عن الذات، رغم استمرار وجود معوقات اجتماعية وأعراف تقليدية مثقلة بالإرث الذكوري، ورغم  تلك التحديات، استطاعت المرأة الكردية أن تفرض حضورها بقوة في إعادة صياغة المشهد الثقافي والسياسي، وساهمت عبر انخراطها الفعال في الثورة ببناء نموذج اجتماعي متميز، نموذج للمرأة الحرة ،المرأة القوية، وكان ظهورها كمحاربة على جبهات القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي صورة مُشرِّفة لقدرات المرأة وأصبحت أيقونة نضالية ورمزاً للمرأة المدافعة عن شعبها وفكرها وذاتها، وتحولت إلى نموذج عالمي، كما أن المرأة الكردية اقتربت من أتون الثورة ومارست السياسة والعمل وساهمت في البناء كشريك أصيل في صياغة ملامح المستقبل السوري في ظل الثورة السورية وخاصة في روجاڤاي كردستان.

 تعززت مكانة المرأة الكردية بشكل ملحوظ، حيث تم إصدار قوانين حماية المرأة، وفتح المجال أمامها في مجالات التعليم، والعمل، والإعلام، والثقافة، ونشطت المرأة الكردية عبر المهرجانات الأدبية والفنية، كما ساهمت منظمات المجتمع المدني في رفع مستوى وعيها القانوني والأسري والاجتماعي، الذي أدى إلى ظهور ملامح مرحلة جديدة أكثر إشراقاً ووعياً.

وخلال فترة ليست بالطويلة استطاعت المرأة الكردية تحقيق حضور قوي على كافة ميادين الحياة العامة، وبالأخص في الحقل الثقافي، حيث ظهرت أسماء كاتبات وفنانات بارزات، استطعن المساهمة في تأسيس اتحادات ادبية وجمعيات فنية، واستطعن عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تحقيق التواصل مع ثقافات مختلفة، فتحولن إلى سفيرات للثقافة والأدب والفن، مما رسخ دور المرأة في صياغة الوعي الجمعي الجديد.

ومع ذلك، لا تزال المرأة الكردية تواجه تحديات متجذرة، من بينها بقايا السياسات الفاشية السابقة، والعقلية الذكورية التقليدية، التي تعيق تقدمها الكامل نحو فضاءات الحرية والمساواة، وخاصة مع محاولات تهميش دور المرأة السورية ،وذلك من خلال إبعادها عن الحياة السياسية والثقافية, وتحجيم حقوقها وهو ما تبيّن في الإعلان الدستوري الجديد لحكومة الشرع، وفي التشكيلة الحكومية الجديدة التي احجمت تمثيل المرأة إلى أدنى مستوى، على العكس مما شهدته روج آفاي كردستان من انفتاح وحيوية ودعم للمرأة وفي جميع القطاعات السياسية والتعليمية والثقافية والاجتماعية، وصولاً للقطاع الأمني والعسكري.

وختاماً... لقد أثبتت المرأة الكردية في سوريا بأنها ليست مجرد ضحية للتاريخ، بل رائدة فاعلة في صناعة فصوله الجديدة، فهي اليوم تمثل سفيرة للثقافة، وجسر تواصل بين مختلف أطياف الشعب السوري، ويبقى على الحكومة السورية المستقبلية الانفتاح على دور المرأة ودعم مؤسساتها، والاعتراف بدورها الحيوي ليس في بناء الأسرة فقط، وإنما مساهمتها في بناء مجتمعها وبلدها، وهكذا خطوات عملية وحقيقية، لن تكون مجرد بادرة تضامن، بل خطوة حاسمة نحو بناء وطن حر متعدد الثقافات متعدد اللغات ،وطن ديمقراطي أكثر جمالا بتنوعه وتفرده ،وأكثر قوة وقدرة على تحقيق مستقبل آمن و مشرق لبناته، وأبنائه.

المرأة الكردية في سوريا.. رائدة الثقافة والتغيير في ظل التحولات السياسية Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on أغسطس 03, 2025 Rating: 5 المرأة الكردية في سوريا.. رائدة الثقافة والتغيير في ظل التحولات السياسية Pênûsa Azad-H-21 عبير عبدالرحمن دريعي "حين تكتب المرأة تار...

ليست هناك تعليقات: