الأدب الكُرديّ المدوَّن.. لمحة تاريخية
عبد المجيد إبراهيم قاسم
مقدَّمة:
يتبوّأ الأدب مكانة متقدّمة بين أنواع الفنون
الثقافية عموماً، ويُعرف بالمساحة الأذكى عطراً في رياضها الفسيحة، والمرآة التي
تعكس جوانب الحياة باختلافها، ومسيرة الشّعوب ونضالها الدؤوب من أجل المحافظة على
كينونتها، كما يشكِّل وسيلة الإنسان الأرقى في التعبير عن المشاعر والأحاسيس، والأجدر في تصوير واقع المجتمعات وطموحاتها،
وأساليب معيشة الناس وأفكارهم وقيمهم تصويراً فنياً ووجدانياً.
والأدب الكردي - وفقاً لذلك - يعكس واقع مجتمعات الكرد، ويصوّر حياة إنسانها،
ويعبّر عن آلامه وآماله وطموحاته أبلغ تعبير, كيف لا، وهو بمثابة (العدسة) التي
رصدت قصصهم وبطولاتهم وحياتهم الاجتماعية، ويذهب رسول مصطفى إلى أن الأدب الكردي
يأخذ مادته الخام من فقدان الكرد الحرية الكافية, ومن الاستغلال الطبقي الذي عاناه
المجتمع الكردي طويلاً، وسياط الإقطاع التي ألهبت ظهور كادحيه(1).
عرض الدراسة:
ينقسم الأدب الكردي، شأن آداب كل الشعوب، إلى نوعين أساسيَّن: الأدب الشَّعبي
أو الفولكلور، الذي ينسب إلى الذاكرة الشَّعبية، والأدب المدوّن الذي يُعرف مؤلفه
أو مؤلّفوه، ويتميّز النوع الأول الذي يحتل حيزاً كبيراً جداً في ثقافة الكرد، بوفرته وثرائه وقيمته
الفنية العالية، ويعدُّ أهم مصادر تطوّر الأدب المدوّن، ومنبعاً متدفّقاً لكل
أنواعه وأجناسه، حتى أمكن القول بأنّ الغنى والثراء يظهران في الأدب الكردي كنتيجة لغزارة وثراء التراث الكردي. يقول الباحث
الكردولوجي باسيلي نيكتين(2): (إن الأدب الكردي
هو الفولكلور الكردي بالدرجة الأولى، وإننا لا نجد في ذلك الفولكلور بقايا وتراث الأجيال
والأجداد في الماضي فحسب، بل إن ذلك الفولكلور يبرهن على القدرة على الحياة التي
تزيد يوماً بعد يوم.. وليس في النادر أن نجد عناصر نتاج الشعوب الجارة تصبُّ
وتُغني في قالب كردي).
ويقول معروف خزنه دار في الموضوع نفسه(3): (خدم الأدب
الشعبي، كمصدر حيوي، الأدب الكردي المعاصر، بحيث دفعه إلى التوجه والانعطاف نحو
حياة الشعب وحاجاته، وأفاده في الميزات المتوافرة فيه كالواقعية، والصور الملموسة،
والليونة الشعرية، وسلاسة اللغة، وأسلوب بنائها، وهي مميزات تطوّرت بكل جوانبها في
الأدب الكردي المعاصر).
النوع الثاني،
هو الأدب المدوّن، وهو قليلٌ نسبياً، بسبب الظروف السياسية العامة التي مرَّت
بالشعب الكردي، إلا أنه بالرغم من ذلك، كان حاضراً وموجوداً في جميع الأزمنة
والعصور، هذا ما يؤكده الكثير من الدبلوماسيين والمستشرقين الذين اهتموا بالأدب
الشَّعبي الكردي، ومنهم الروسية مرغريت رودينكو. يقول جودت
هوشيار(4): (إن أهم
انجاز حققّته رودينكو هو دحض الرأي الذي كان شائعاً في أوساط المستشرقين حتى منتصف
القرن العشرين, القائل بعدم وجود تراث أدبي وفكري مدوّن للشعب الكردي، وأن التراث
الكردي بأسره، إنما هو تراث شفاهي, ولكن الآثار الأدبية الكردية الكلاسيكية التي
قامت بتحقيقها ونشرها أثبتت بأن للكرد تراثاً ثقافياً مدوّناً عظيماً).
وعلى الرغم من توافر الكثير من المقوّمات المساعدة على نضوج الأدب الكردي،
كالطبيعة الخلابة لبلاد الكرد ومظاهرها الساحرة، ومرونة اللغة الكرديَّة وقابليتها
للتطوّر، وحياة الكرد أنفسهم، ونضالاتهم الدؤوبة ضدّ المستبدين والمستغلين، فإنَّ هذا
الأدب عانى في سياق تطوره من ظروف صعبة جداً، بخاصة مع مطلع القرن العشرين، وتشير
الدلائل التاريخية، وبعض الدارسين والباحثين إلى عدد من العوامل التي أعاقت تطوّر
الأدب الكردي، وأهم هذه العوامل:
- أولاً) الظروف السياسية
المعقّدة التي أحاطت بالشعب الكردي عبر تاريخه كما سبق، وتعرّضه لممارسات شتّى،
كالتنكّر لهويته القومية، ومحاولات صهرها
في بوتقة القوميات الحاكمة التي توزّعت بلادهم.
-
ثانياً) عدم الاعتراف بالخصوصية الثقافية للكرد، والعمل على طمس مكوناتها بشتى
الوسائل، حتى لم يُسمح لهم - أحياناً - التحدّث
بلغتهم، أو تسمية أبنائهم بأسماء كردية.
-
ثالثاً) قصور المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية - المتواضعة أصلاً - نتيجة
الظروف السياسية المذكورة، وعدم السماح للكتّاب الكرد بإصدار الكتب بلغتهم، وتعرّض
الكوادر الصحافية للاعتقال والملاحقة والتضييق.
- رابعاً) ضياع الكثير من المخطوطات والنتاجات المطبوعة وإحراقها أحياناً، وتعرّض
بعضها للتلف والفقدان، وقصور الاهتمام بالترجمة
بشكل عام.
-
خامساً) تفشي الأمية بين الكرد، وندرة تداول اللغة الكرديّة، وتوزع الكتابة
الأدبية بين عدة لهجات، وغيرها من العوامل التي وقفت حائلاً أمام تطوير الكرد
لأدبهم وثقافتهم ولغتهم القومية، والانطلاق بها نحو الأفضل شكلاً ومضموناً.
إلا أن
ما يدعو للعجب والافتخار في الوقت نفسه أن الشعب الكردي قاوم كلّ أشكال الصهر
والدمج والتشويه، واستطاع الحفاظ على لغته وثقافته، وجانب كبير من
تراثه، بالرغم من الظروف
السياسية القاسية، والمحاولات
الممنهجة والمستمرة لتذويب الهُويّة الكردية.
إن دراسة الأدب
الكردي والبحث في فنونه ومفرداته، والظـروف التي نما وتطـوّر فيها، موضوع شاسع
ومتشعب، ليس من السهولة بمكان الإحاطة بكلّ جوانبه وحيثياته، ولكن بالإمكان إعطاء
نبذة شاملة ومختصرة عن هذا الأدب.
يمكن تقسيم تاريخ الأدب الكردي - عموماً - إلى
ثلاث مراحل هامة هي: الشِّفاهية أو مرحلة الإبداعات الشَّعبية الكردية، والأدب
الكردي الكلاسيكي، والأدب الكردي الحديث والمعاصر، وبطبيعة الحال فإنَّ العلاقة
مترابطة جداً بين هذه المراحل، حيث شكّل الأدب الكردي الكلاسيكي الأرضية الصلدة
للأدب الكردي الحديث، مثلما شكّلت النتاجات الشفاهية أساساً لأغلب نماذج الأدب
الكلاسيكي.
تطوّر الأدب الكردي - عموماً - بثلاث لهجات، هي
بحسب الدكتور معروف خزنه دار: اللهجة الشمالية- الكرمانجية، وهي الأوسع انتشاراً بين اللهجات الكردية. واللهجة الجنوبية، واللهجة الگورانية، وقد تطوّر الأدب بالنسبة لكلّ لهجة في المنطقة ذاتها
التي تتداول فيها، وبحسب الظروف السياسية والاجتماعية التي أتيحت لها، ويذهب خزنه دار إلى أن الشعر الكردي باللهجة الشمالية أكثر
قدماً وأصالة، وهو الذي وضع حجر الأساس للأدب الكردي الكلاسيكي، ويقسّم
الباحث نفسه الأدب الكردي المدوّن بهذه اللهجة إلى نوعين أساسين هما: الشعر
الملحمي، والشعر الغنائي العاطفي، ويرى أن الشعراء الكرد أخذوا مواضيع النوع الأول
وصوره الفنية ومحاوره قبل كلّ شيء من الأدب الشعبي(5).
وقد ظهر في مرحلة الأدب الكلاسيكي أدباء كثيرون،
كتبوا باللهجة الشمالية، التي ارتبطت تاريخياً بإمارة بوتان، أبان عهد الدولة
العثمانية، أثروا بنتاجاتهم الأدب الكردي، وهم يمثّلون أبرز رموز الشعر الكردي
عموماً، فقد غنّوا للطبيعة والحياة بكل أشكالها، وأبدعوا نماذج رائعة في الغزل
والتصوّف والملاحم البطولية، ومن أشهرهم(6):
- Melayê Cizîrî/ ملاي جزيري: ملا أحمد الجزيري، نسبةً إلى جزيرة (بوتان/ ابن عمر)، وهو يأتي على رأس المدرسة
الغزلية في الأدب الكردي، كما يعدّ من كبار شعراء الصوفية في عصره، وقد أثّر نتاجه
في تطور الشعر الكردي تأثيراً بالغاً، (توفي 1640)
- Feqiyê Teyran/ فقي تيران: اسمه محمود، من أهالي بلدة
مكس، وهو صاحب نتاج شعري كبير، امتاز بالمستوى الفنيّ الرفيع، منه الملحمة
الشهيرة: شيخ صنعان، (توفي 1660)
- Ehmedê Xanî/ أحمد
خاني: العلامة والشاعر الفذ، وصاحب الملحمة الشهيرة: مم وزين، التي تعدّ
مفخرة الشعر الكردي الكلاسيكي، (توفي 1708) ودفن بجوار الجامع الذي بناه في مدينته بيازيد، يعدّ خاني أول الشعراء
الكرد الذين التفتوا إلى المسألة القومية في الأدب، يقول خزنه دار(7): (إن ملحمة مم وزين، هي من ألمع النماذج والكتابات الأدبية باللغة الكردية،
التي استوعبت مسؤولية تطوير وصيانة اللغة الأم). كما كتب مبادئ تعليمية عامة
للأطفال على شكل قاموس (كردي- عربي) صغير، أسماه: الربيع الجديد، عام 1682.
ومن أبرز الشعراء الكرد باللهجة الكرمانجية
الجنوبية (السورانية), ممن أثرت نتاجاتهم المكتبة
الكردية:
Ehmedê Batê-/ ملا
أحمد باتي: الذي عاش بين عام 1680-1760 وهو صاحب اجمل قصائد في الغزل والحكمة والتصوف.
- Nalî/ نالي: هو صاحب مدرسة
شعرية كبيرة (توفي 1856)، وأحد الثلاثة العظماء الذين أسَّسوا الشعر
باللهجة الجنوبية، وقدموه في النصف الأول من القرن التاسع عشر، إلى جانب: سالم، (توفي 1869) وكوردي، (توفي 1850).
- Hacî Qadir Koyî/ حاجي قادر كوي: (توفي 1894) شكل ظهور نتاجاته انعطافاً هاماً في تاريخ الأدب
الكردي، وكان من أوائل الأدباء الذين كتبوا بروح قريبة من الجماهير، وكانت أهمّ
الأفكار في شعره، هي الثقافة والتنوير وانتقاد الواقع الاجتماعي والاقتصادي
المتخلف، حتى أنه سمّي بمدرسة الشعر التنويري في تاريخ الأدب الكردي.
ومن أوائل وأشهر من كتبوا باللهجة الگورانية: مصطفى
بصراني (توفي 1702)، وأحمد بك كوماسي، وميرزا شافي جاماريزي، ومولوي (توفي 1882).
من أهمّ الملاحم في تاريخ الأدب الكردي:
- ملحمة (Dumdum/ دُم دُم): تروي قصة نضال بطولي للكرد، جرت وقائعها عام (1608) تقريباً، والمأثرة الخالدة لاعتصام الأمير "ذو اليد الذهبية
الواحدة" في قلعة دُم دُم، ومقاومته الباسلة لهجوم الشاه الفارسي عباس الأول
عليها بجيش كبير، فأصبحت تتردّد على السنة الكرد حتى يومنا هذا.
- ملحمة (Zembîlfiroş/ بائع
السلال): هي ملحمة عاطفية تحكي قصة غرام بين أمير كردي يهجر قصر أبيه ويعيش حياة
التزهد، ويتخذ لنفسه مهنة بيع السلال، لكن امرأة جميلة تقع في حبه، وتطلب منه
مبادلتها الحب، ولكن دون أن تجد صدى، ومن الملاحم الأخرى: سيامند وخجي، ويوسف وزليخة،
وشيرين وفرهاد، وغيرها الكثير من الملاحم.
أما الأدب الكردي الحديث والمعاصر، الذي تطوّر على أرضية الشعر الكلاسيكي
والإبداعات الأدبية الشفاهية، فتعود بداياته إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية
القرن العشرين كما يقول خزنه دار(8)
فخلال النصف الأول من القرن العشرين، وإثر تقسيم التركة المترامية للإمبراطورية
العثمانية، وتجزئة بلاد الكُرد بين عدة دول، تأثّرت كلّ جوانب حياة الكرد تأثّراً
سلبياً، وبالتحديد الأدب والثقافة الكردية.
اجتاز الأدب الكردي الحديث في سياق تطوره مرحلتين: الأولى مرحلة التكوين
والبناء، التي حافظ الأدب خلالها على الأشكال والأدوات الأدبية الفنية الكلاسيكية،
وبرز فيها الأدباء: أحمد مختار، أحمد حمدي، علي كمال باپير وآخرون. المرحلة
الثانية، وأهم سماتها: تجديد المضامين وشكل ولغة المؤلفات، وظهور شعراء الجيل
الجديد، فبرز: گوران، أحد مؤسّسي المذهب الواقعي في الأدب الكردي، وبيكس، ونور شيخ
سالم، ودلدار، الذي احتل الشعر التربوي مكاناً هاماً بين أشعاره، وآخرون.
كما اتسمت إبداعات بعض الشعراء بخصائص هاتين المرحلتين معاً، ونتاجات
الشاعر العملاق (Pîremêrd/ پـيره ميرد) أفضل مثال على ذلك، كما يذهب إليه خزنه دار(9). ومن الكتّاب البارزين في النصف الأول
من القرن العشرين ممن تركوا إرثاً أدبياً وفنياً متنوعاً، نذكر أيضاً: عبد الواحد
نوري، الذي نشر مقالات تربوية تنويرية هامة في الصحافة، وعبد الله زيفار، القامة
الأدبية الشامخة، وسلام، أحد أهم ممثليّ الأدب الكردي الحديث، ودلزار، الذي عرف
بترجمته لأفكار الجماهير الشعبية، وهجار، الذي عكست إبداعاته الاتجاه التقدميّ في
تطور الأدب الكردي الحديث.
أما النثر الكردي، خلال أعوام (1918- 1945) فقد شكّل انعطافاً هاماً في مسيرة
الأدب، وبرز الأدباء: بيره ميرد، سالم، وبيكس، وآخرون، وقد نشر هؤلاء بفعالية في
الصحف والمجلات المحلية، كما برز الصحافيون والسّاسة: حسني موكرياني وإبراهيم أحمد
وغيرهم.
في سورية ظهر منذ الثلاثينيات من القرن العشرين بعض الأدباء الأفذاذ، وأهم
الأسماء في تاريخ الأدب والثقافة الكردية، ومنهم: الأخوان جلادت وكاميران بدرخان،
ونور الدين زازا، ورشيد كرد، وأوصمان صبري، وقدري جان، و(Cegerxwîn/ جگرخوين)، شاعر الكرد
العظيم، الذي نشر: (pêt û pirîsk/ اللهب والشرر) عام 1945، ثم (Sewra Azadî/ ثورة الحرية) عام 1954 في سوريا، وديوانه
الثالث (Kîme Ez/ من أنا؟) في لبنان، عام 1973 ومجموعة دواوين أخرى، وقد لقب بشاعر الشعب، وتوفي في السويد، عام 1984.
أما الأدب الكردي في أواسط الأربعينات حتى بداية الستينات (بشكل خاص في
العراق) فقد ترافقت مسيرته بظروف سياسية شائكة، إلا أن هذه المرحلة تركت تأثيراً
بالغاً في تطور الأدب الكردي، وظهرت الواقعية كنزعة أدبية. وبرز من أهم شعرائها (Pîremêrd/ پـيره
ميرد). يقول الدكتور خزنه دار(10): (إن إبداعات هذا الشاعر
البارع أضافت إلى تطور الأدب الكردي المعاصر صفحة هامة، حيث برزت فيها الرؤية
التاريخية الأدبية التي عكست المراحل الأساسية للتطور الفنيّ للأدب الكردي في
النصف الأول من القرن العشرين).
أما عن النثر الأدبي خلال هذه المرحلة، يقول د. خزنه دار(11): (انتشرت الأجناس الأدبية الكردية
النثرية المختلفة، من مقالات وأقاصيص وروايات. وارتسمت فيها أساليب الواقعية بصورة
رئيسية، وتشكّلت اللغة الأدبية الفنية الكردية في النثر الكردي، الذي تحرّر من
التجميل والأساليب البلاغية التقليدية.. لكن الظروف التي مرّ بها النثر لم تختلف
عن الظروف التي أحاطت بالشعر، فنشر الأدباء نتاجاتهم في الصحافة الدورية بشكل
أساسي، وقد ولدت الرواية في هذه المرحلة وامتلكت قوة فنية خاصة، كما ازدهرت
الأنواع الأدبية النادرة كالأقصوصة والأسطورة النثرية والحكايات الشعبية والأحاجي).
ومن أبرز
كتّاب القصة في هذه المرحلة: شاكر فتاح: أحد الروّاد في النثر الكردي، ومؤسس القصة
الكردية وأشهر كتابها، وهو يمثّل أحد أوائل الأدباء في مجال الكتابة للأطفال، إلى
جانب الشخصيات الأدبية: إبراهيم أحمد، محرم محمد أمين، والدكتور معروف برزنجي، وغيرهم.
في سورية ظهر أيضاً: ملا أحمد بالو، وملا نوري هساري، كما برز تيريژ أهمّ
الشعراء الكرد المعاصرين، وهو صاحب آثار أدبية هامة، ثم ظهرت أسماء أدبية أخرى،
مثل: محمود صبري، عبد الرزاق أوسي/ Rezo، كوني ره
ش، كلش، يوسف برازي، أحمد شيخ صالح، عمر لعلي، صالح حيدو، دلاور زنكي، ديا جوان،
سيامند إبراهيم، وغيرهم من الأدباء.
ومن أبرز سمات الأدب الكردي المعاصر كما يذكرها معروف
خزنه دار(12): انتهاج الواقعية، وتراجع عن الإفراط في
المثاليات الأدبية، وتوسيع إطار الشعر لمواضيعه، وكثرت الأشعار ذات المضامين
الحياتية الجديدة، وتحطيم الشعر الكردي الإطار الضيق للقوانين الفنية وأساليبها
المألوفة، والسماح بتبديل وتغيير الأوزان والقوافي، وولادة الأجناس الأدبية المعروفة
كالمقالات الأدبية والقصص، والجدير بالذكر أن معظم الشعراء الكرد، وخاصة
المعاصرين منهم، كانوا يمارسون التعليم، وكانت لهم آراءً مفيدة في تربية الأطفال
وتعليمهم.
أما أهم الدراسات في المجال الأدبي الكردي عموماً، فهي: تاريخ الأدب
الكردي، لعلاء الدين سجادي، وهو علم من أعلام الثقافة الكردية، وقد عدّ هذا
المؤلَّف أهم المؤلفات الكردية في الأدب والتاريخ والتراجم، صدرت الطبعة الأولى
منه في بغداد باللغة الكردية عام 1952، وهو مجلد ضخم يستعرض تاريخ الأدب الكردي، بدءاً من القرن الحادي عشر حتى
الستينات من القرن العشرين، ويبيّن مراحل تطوّر هذا الأدب وصوره وأشكاله، ويعرض
لأبرز أعلام الشعر والأدب الكردي، مع الإشارة إلى نتاجهم الإبداعي، كما يعدّ
الكتاب أكبر مرجع أو موسوعة حول الأدب الكردي وعلاقته بالآداب الأخرى، بل أوسع
دائرة معارف كردية صدرت إلى الآن، وتُذكر أيضاً بكلّ التقدير بعض الدراسات الأخرى،
مثل دراسة المؤرخ رفيق حلمي، والمعنونة بـ الشعر والأدب الكردي.
هوامش الدراسة:
1)
الواقعية في الأدب
الكردي، باللغة العربية. تأليف الدكتور: عز الدين مصطفى رسول، ط/ 2 بيروت 1963
2)
من الفولكلور
الكُردي، قصص غنائية، حكم وأمثال، الدكتور: محمد عبدو النجاري، ص23
3)
موجز تاريخ الأدب
الكردي المعاصر، تأليف الدكتور: معروف خزنه دار، عام 1967، الترجمة عن اللغة
الروسية الدكتور: عبد المجيد شيخو، الناشر: هوشنك كرداغي، عام 1993، ص 24
4)
مقاله: قراءة في كتاب
رودينكو (الحكايات الكردية)
5)
موجز تاريخ الأدب
الكردي المعاصر، مرجع سابق، ص 25
6)
تواريخ الوفاة وفقاً
لكتاب: موجز تاريخ الأدب الكردي المعاصر، مرجع سابق.
7)
موجز تاريخ الأدب الكردي المعاصر، مرجع سابق، ص 26
8)
المرجع السابق، ص 25
9)
السابق، ص96
10)
السابق، ص (152- 153)
11)
السابق، ص170
12)
السابق، ص 198
13)
مقدمة م. خالد سادني لديوان ملا حسين باتيى ص31
ليست هناك تعليقات: