الخيبة - قصة قصيرة- همرين مراد - اتحاد كتاب كوردستان

728x90 AdSpace

شائع
السبت، 6 يناير 2024

الخيبة - قصة قصيرة- همرين مراد

 

الخيبة- قصة قصيرة


Pênûsa Azad -Hijmar-16

همرين مراد 

كنت أجلس تحت شجرة الصنوبر التي تتسم بالخضار طيلة أيام السنة وعلى العشب تحديداً.

رائحة الربيع تمنحني شعوراً بالانتعاش والسّلام والكثير من المحبة.

قصدني طفل في مركز عملي كان يركب دراجة متناهية في الصغر.

بعد أن ركن درجاته.

قال بكل ود : خالتي هل من الممكن أن أقطف من حديقة المركز بعضاً من العكوب "القيفار" !؟

ابتسمتُ وقلتُ له: بالطبع تستطيع!

لحق به رفيقه كي يعينه على قطفها كان أطول منه بكثير.

الملفت في الأمر أن الطفل الأول كان في غاية الجمال، أسمر البشرة، ذا شعر أسود، ورموش طويلة وعينين واسعتين سوداوين كالفحم الحجري، طوله لا يتجاوز النصف متر، قدماه ملتويتان، ويداه تبدوان ضخمتين لا تناسبان تقاسيم جسمه. ما به حالة تتميز بقصر الطول بشكل غير عادي أي القزامة و"هي عبارة عن نقص في القامة ينتُج عن حالة وراثية أو طبية".

حث الخطى بكل فرح وبهجة نحو الحديقة الخلفية للمركز ناديته: كم عمركَ ؟

أجابني بكل محبة: عمري ثلاث عشرة سنة.

مازحته قائلة: ولماذا تبدو جميلاً جداً هكذا يا فتى؟

ابتسم وشعرت ببريق الدمعة في عينيه.

رفيقه يقطف "العكوب" ويرميها له وهو بدوره يجمعها في كفيه.

راودني الفضول مرة أخرى فسألته: هل تذهب إلى المدرسة؟

قال: لا...لأنني منذ فترة وجيزة أشبعت الصبي الموجود في صفي ضرباً، وفي اليوم التالي أتصل مدير المدرسة بأبي وأخبره أنني مفصول فصلاً نهائياً.

ومنذ ذلك الحين حياتي عبارة عن لهو، ولعب، نوم وتدخين.

ضربته لأنه استهزأ بي وبشكلي، سخر مني فلم أتمالك نفسي كان يشير بإصبعه نحوي دوماً ويقول: أنت بشع جداً ولا نطيق رؤية ملامحك القبيحة.

استهزأ بي وجعل كل من في الصف يمقتونني وشجعهم على وصفي بعبارات بذيئة لا أود ذكرها.

هل أنا من خلقت نفسي وأردت أن أكون هكذا؟

راودني شعور سيء حيال سماعي لقصته.

جلست القرفصاء، نظرت مطولاً في ملامحه الاستثنائية التي لا تشبه ملامح أي كائن بشري عادي؛ لأنه أجمل بكثير من أي مخلوق رأته عيناي!

قلت له: يجب أن تدرك يا صغيري أنك جميل بل حتى جميل جداً فجمال روحك يطغى على كل النواقص الجسدية.

لا تجعل أي أحد يهزُّ ثقتك بنفسك أو أن يفتح شرخاً كبيراً في قلبك.

ثم ناولته قصاصة ورق بعد أن كتبت عليها: أنت جميل جداً، بل أجمل بكثير مما يظنه الآخرون، رغم بشاعة العالم أنت تشع بالجمال والأنوار.

وقلت له: خذها إلى أحد ما يقرأها لك.

من المؤسف أن نكون سبب دمار وانهيار القلوب والأحلام.

من المؤسف أن يكون أطفالنا عقيمي الفكر، وعديمي الأخلاق من حيث التعامل مع كائن بشري لم ينعم الله عليه بجسد معاف مثله مثل أي كائن أخر.

تربية أطفالنا أمانة في أعناقنا، يجب علينا أن نعلّمهم أن الفئات غير المكتملة جسدياً هم من يستحقون منا الاحترام والسعي لنكون أشخاصاً إيجابيين معهم، ولا نشعرهم باختلافهم وبعدم قدرتهم على تحقيق ما نستطيع تحقيقه.

الكلمة الطيبة حسنة، وجبر الخواطر من أرقى الأفعال التي من الممكن أن يفعلها أي إنسان!

الخيبة - قصة قصيرة- همرين مراد Reviewed by Yekîtiya Nivîskarên Kurdistana Sûriya on يناير 06, 2024 Rating: 5   الخيبة- قصة قصيرة Pênûsa Azad -Hijmar-16 همرين مراد   كنت أجلس تحت شجرة الصنوبر التي تتسم بالخضار طيلة أيام السنة وعلى العشب تحديداً. ...

ليست هناك تعليقات: